كلما عرفنا الإنسان ازددنا حبا للكلاب!

TT

حدث كثيرا: رجل يموت وبعده بأيام يموت كلبه. المعنى: أن هذا الكلب أكثر وفاء من الإنسان. فكأن الكلب يعيش من أجل سيده فإذا ذهب السيد ذهب الكلب. ولذلك فإن كثيرا من الناس يوصون بأموالهم إلى الكلاب. وأنا شخصيا أتمنى ذلك لولا أن مثل هذا القرار يجعلني أضحوكة بعد الموت - والذي يضايقني الآن هو الصورة التي أتخيل الناس عليها وأنا ما أزال حيا. أي بعد الموت فلا شيء يهم. وقد جربت الموت عدة مرات. أقصد البنج الكامل ثم عادت لى اليقظة ومعها شعور بالصفاء والنقاء ولكن دون أن ادري ما حولي.. ولا ماذا فعل الجراحون..

وفي الصحف البريطانية هذه الأيام قصة وفاء هزت القلوب.. فأحد الجنود الانجليز في أفغانستان كان له كلب محبوب.. أحبه الجنود. وأعجبوا بشجاعته، فهو يكشف لهم عن الموتى ويشم رائحة الألغام. انه جندي أيضا.. ومات سيده واختفى الكلب أياما فلم يجدوه وبعد أسبوع ظهرت رائحة كريهة.. واكتشفوا أن الكلب قد اضرب عن الطعام والشراب حتى الموت وفاء لسيده!

والصحف تبالغ في نشر هذه القصص ليس تمجيدا للكلاب فقط وإنما سخرية من الإنسان الذي لا وفاء له!

وهناك نظرية للعالم الروسي بافيلوف اسمها نظرية الفعل المنعكس الشرطي. معناها انه لا وفاء ولا حب ولا رحمة. إنما كل سلوكياتنا مشروطة - مثلا: إذا أتينا بكلب وجعلناه يتعود كلما انفتح الباب جاء الطعام فان الكلب يظل قابعا في مكانه، فإذا انفتح الباب سال لعابه استعدادا للأكل.. ويمكن فتح الباب دون طعام ولكن لعاب الكلب يسيل.. واعتدنا إذا تقدمنا واحد منا ووقف في مواجهة الجماهير صفقوا له دون أن يعرفوا ما سوف يقول.. فهو أيضا فعل منعكس شرطي.. والكلب الانجليزي قد اعتاد أن يشم رائحة سيده يحمل له الطعام. فلما مات سيده لم يعد يجد الرائحة ووجد الطعام فأضرب عن الطعام والشراب، فسيده لم يعد هناك.

ولا أحد يذكر نظرية بافيلوف (1849 - 1936) هذه، ففيها امتهان للإنسان والحيوان الذي عاش وفيا ومات أكثر وفاء!