مبروك لإنجاز جميل

TT

بعيدا عن السياسة وأخبارها وأجوائها المحبطة والمزعجة، هناك أخبار تستحق التغطية؛ فبينما كانت الأوساط الثقافية السعودية تنشغل بتبعات الاحتساب وردود فعله التي كانت بحق معرض الرياض الدولي للكتاب والقائمين عليه، وخصوصا الهجوم الشخصي الواقع على الوزير المسؤول (وكأنه كان المسؤول الأوحد عن هذه المناسبة الثقافية!)، جاء اختيار مجلس السفراء العرب في العاصمة الفرنسية باريس للسعودية منى خازندار لتكون مديرة عامة جديدة لمعهد العالم العربي (واجهة التواصل الحضاري بين أوروبا والعالم العربي) في خبر مهم ومفرح في آن واحد.

وهي شخصية ثقافية بامتياز نجحت كناقدة فنية شاركت في مجالات الآداب والفنون التشكيلية بنجاح لافت، وطبعا هي أيضا ابنة المثقف السعودي الكبير عابد خازندار المعروف بترجماته ونقده وكتاباته.

وبعد هذا الخبر بأيام قليلة جاء اختيار الروائية السعودية الكبيرة رجاء عالم لتفوز بجائزة بوكر للرواية العربية عن رائعتها «طوق الحمام»، وبهذا الفوز الجديد تواصل هذه الكاتبة تميزها وتألقها وحصادها للجوائز الكبرى والمهمة في عالم الآداب والرواية، وكتابها الرائع الذي تواصل فيه الحكاوي الجميلة عن تاريخ مكة المكرمة وتركيبتها الاجتماعية المعقدة وأزقتها وعاداتها وتراثها المبهر، وتؤكد مكانتها كإحدى أهم الروائيات العربيات المعاصرات اليوم، تحقق كتبها أرقاما قياسية في التوزيع ومكانة مهمة في النقد، وتمت ترجمتها للغات عدة. ولرجاء عالم، التي تنتمي لأسرة مكية معروفة، روايات أخرى نالت ذات القبول والانتشار بعناوين معروفة مثل «حبي» و«ستر» و«خاتم» بالإضافة لمسرحياتها التي كتبتها أيضا. ولا يمكن نسيان شقيقة رجاء وتوأم روحها الفنانة التشكيلية الكبيرة شادية عالم التي اختارتها في سنة من السنوات شركة «الخطوط البريطانية» لترسم ذيل طائرتها بلوحة تشكيلية من التراث السعودي لتكون واحدة من ضمن مجموعة محددة من الفنانين والفنانات العالميين الذين اعتمدتهم «الخطوط البريطانية» لتظهر هويتها الجديدة كخطوط عالمية. فوز رجاء عالم بهذه الجائزة العالمية المهمة يأتي كمسيرة تتويج مستحق لمشوارها الروائي الجميل والناجح، وهو الذي كان ملهما لعدد لا بأس به من الروائيات السعوديات مثل: زينب حنفي وقماشة العليان وأميمة الخميس وبدرية البشر وغيرهن من الأسماء التي بات لها حضور مهم على ساحة الكتاب العربي. وإذا كان هناك تألق مهم للمرأة السعودية في السنوات الأخيرة في مجال الطب والعلوم، وبرزت شخصيات لافتة مثل إلهام أبو الجدايل وسميرة إسلام وحياة سندي وخولة الكريع وغادة المطيري وغيرهن، فالآن بات حضور المرأة السعودية على الساحة الثقافية حضورا أصيلا ومهما، ويضيف قيمة اجتماعية حقيقية. ألف مبروك لكل من منى خازندار ورجاء عالم على التميز، وكل الأمل أن لا تكونا هما الاستثناء.

[email protected]