بل لكي لا تكون كربلاء

TT

دخول قوات «درع الجزيرة» إلى البحرين لن يكون كربلاء جديدة كما يحذر رئيس الوزراء التركي، بل هو من أجل تجنب وقوعها من جديد بين أبناء وطن واحد؛ فالشعب البحريني ليس شيعيا كله، ففيه السنة مثلما أن فيه شيعة، والأساس في كل بلد هو المواطنة، وليس الطائفة.

كلام أردوغان عن «مخاطر كربلاء جديدة تزيد الانقسامات بين المسلمين» تبسيط، ومردود عليه؛ فملك البحرين هو من شرع بالإصلاحات ومكن الشيعة. وبالتالي، فإن واجب ملك البحرين أيضا، مثلما أنه مكن الشيعة، أن يحمي السنة من أبناء بلاده، لا أن يخضع البلاد كلها للابتزاز الطائفي. وكان الأولى برئيس الوزراء التركي أن يحذر الرئيس الإيراني من مغبة التدخل في شأن دولة خليجية مسالمة مثل البحرين، ومن مغبة إغفال حق السنة أيضا في إيران لكي لا تكون هناك كربلاء على الأراضي الإيرانية، وليس الخليجية، فلم يعرف عن أهل الخليج التطرف ضد مكون من مكوناتهم، وهناك تاريخ يشهد على ذلك، وحاضر يدعمه.

ويخطئ من يعتقد أن أردوغان يتحرك اليوم وفق مصالح تجارية.. صحيح أن أردوغان يبدو مدافعا عن معمر القذافي رغم كل جرائمه ضد شعبه، مع أنه كان أسرع من انتقد نظام حسني مبارك إبان أزمة ثورة 25 يناير، إلا أن لذلك أسبابا غير المصالح التجارية.

فقد تحرك أردوغان بطريقة مختلفة في كل من ليبيا ومصر بحثا عن الزعامة، أي العثمانية الجديدة؛ ففي مصر يعلم أردوغان أنه من السهل التحالف مع «الإخوان»، وعليه، فقد رأى في ثورة مصر فرصة سانحة لدعم التغيير، وبالتالي تعزيز دور تركيا في مصر. أما في ليبيا، فالأكيد أن أردوغان مقتنع بأن القذافي سيسحق شعبه وينتصر، وبالتالي، وبحثا عن الزعامة التركية، فإن أردوغان يريد أن يكون عراب حل المأزق الليبي، خصوصا مع انقطاع العلاقات العربية - الليبية بشكل كامل، ما عدا دولتين أو ثلاث. هذه هي أهداف «تركيا أردوغان»، أي الزعامة، والعثمانية الجديدة وليس التجارة. فلو كان رئيس الوزراء التركي يحرص على المبدأ التجاري، لكان وقف مع الأميركيين ضد صدام حسين، أو ضد إيران في قضية الملف النووي، ولم يوتر علاقة بلاده مع إسرائيل، حيث من شأن ذلك أن يضمن له عقودا تجارية كثيرة، ودعما في ملف انضمام تركيا إلى أوروبا. ولو كانت القضية تجارية أيضا، لكان من مصلحة تركيا الوقوف مع دول الخليج العربي، بدلا من انتقاد دخول قوات «درع الجزيرة» للبحرين.

وعليه، فإن كل ما يريده أردوغان هو الزعامة، وهذا ما يسمى بالانتهازية السياسية، وذلك بحثا عن العثمانية الجديدة، لكن يبدو أن التحرك الخليجي قد أربك العدو والصديق، سواء عربيا وإسلاميا، مثل تركيا وإيران، أو غربيا، كأميركا، فتحرك الخليجيين كرجل واحد هو آخر ما تريده إيران أو تركيا، وهذه هي الحقيقة، فالقضية كلها قضية زعامة، وبحث عن دور، فلو كان التركي حريصا على الديمقراطية، لما تحالف مع سورية، ولو كان حريصا على الأقليات لما تحالف مع إيران أيضا.

[email protected]