ماذا تريد إيران من البحرين؟

TT

في البحرين، ليس الحديث الآن عن شرعية الاحتجاج، ولا عن المظالم التي لحقت بالشيعة أو غيرهم، ولا عن طبيعة مطالب المعترضين، أو تحصيل المزيد من السلطات بالنسبة للمعارضة، بل ولا حتى تحويل البحرين إلى ملكية دستورية، بل ولا حتى أن يكون رئيس الحكومة مرشحا من قبل المعارضة.

ليس الحديث عن هذا كله، بل حول تحويل جزيرة البحرين إلى «جمهورية»، ومن يطالب بهذا الطلب هو حسن مشيمع المرتبط، جهارا نهارا، بالثورية الشيعية السياسية الإيرانية. وهو قد أعلن من البحرين قبل أيام عن قيام «الائتلاف من أجل الجمهورية»!

في بداية الاحتجاجات بميدان اللؤلؤة، كان من يقود المعارضة مزيجا من الشيعة والسنة، مع الغلبة للشيعة، لكن كان هناك من يشاطرهم المطالب من بعض السنة، سواء كانت مطالب سياسية أو اقتصادية، لكن من يقود الشارع الشيعي في البحرين الآن هم المتطرفون من الحركات الشيعية، الذين تجاوزت مطالبهم شروط جماعة الوفاق بقيادة الشيخ علي سلمان، التي كانت هي أصلا، عسيرة، وكان ولي العهد البحريني الشاب يجاهد من أجل خلق مساحات مشتركة مع «الوفاق» ومن معها، لكن جاء مشيمع وجماعته من الخارج، وفور دخوله البلاد جعل جماعة الوفاق يبدون وكأنهم حمائم سلام! حينما خطب والجمهور يهتف له، بسقوط الملك ونشأة الجمهورية في البحرين.

أحمدي نجاد هدد دول الخليج التي فعلت اتفاقية الحماية المشتركة من خلال قوة «درع الجزيرة»، وشبه بصفاقة دخول قوات الخليج إلى البحرين، بطلب من حكومة البحرين، بدخول جيش صدام حسين لاحتلال الكويت! ولكنه لم يشبه دخول هذه القوة المحدودة بدخول الجيش الأميركي إلى العراق لإسقاط نظام صدام، ربما لأن هذا الدخول لإسقاط الشيطان الأصغر «صدام» يعتبر أمرا حلالا ولو كان ذلك على يد الشيطان الأكبر «أميركا».

ليس نجاد فقط من هاجم دول الخليج بل «المعتدل» لاريجاني، رئيس الشورى الإيراني الذي حذر دول الخليج من عاقبة فعلها، وانضم للصف مقتدى الصدر، وحزب الله في لبنان، ونواب الشيعة في الكويت، وغيرهم.

للأسف الشديد، حاليا نعيش اصطفافا طائفيا صرفا، أعرف أن هذا محزن، لكن حين تدخل عفاريت التوظيف السياسي للدين من الباب تهرب عصافير التسامح الديني من الشباك!

الحال أن إيران في وضعية حرب مع دول الخليج الآن. ونقطة آخر السطر.

ومن حق دول الخليج أن تحمي نفسها من هذا الهجوم، فالثابت أن إيران ذات أطماع قديمة في الخليج، خصوصا جزيرة البحرين، والعام الماضي فقط صرح شريعتمداري، مستشار خامنئي الإعلامي، بتبعية البحرين لإيران.

الجدل حول الطموح الإيراني في البحرين أو الخليج، لا جدوى منه، لوضوحه.

المطلوب هو الثبات والمواجهة دون أدنى تردد. مواجهة تجمع بين الحزم وعدم التهور.

وبعد: هل كانت لدينا إدارة صحيحة لمفهوم المواطنة وبناء الانتماء الجامع حول مشروع وطني، وتنقية الخطاب الديني من التعصب؟

الجواب بوضوح: لا.

لعل ما جرى يكون خيرا حتى ندرك خطورة التساهل في بناء مشروع وطني مدني للجميع.

المهم الآن تفويت الفرصة على الهجمة الإيرانية، بوعي الشيعة والسنة من أهل الخليج، ثم البدء بجد وجهد في بناء الإنسان الخليجي المنتمي والعصي على كل الاختراقات، وليس أفضل من حصن العدالة، والتسامح الذي يشفي القلوب والعقول.

[email protected]