إذا لم تستح...

TT

تخيلوا أن من يستثني قرابة نصف الشعب العراقي، ويتم تهجير المسيحيين في عهده من بلادهم، وينكل بهم، يصف دول الخليج العربي بالطغاة، ويتطاول عليهم!

تخيلوا أن من جاء على دبابة أميركية، وجددت له فترة ولاية جديدة لرئاسة الوزراء رغم خسارته الانتخابات، وخرج مواطنوه بمظاهرات يوم ندموا على مجرد التصويت له، يتحدث عن الديمقراطية والحريات؟

وتخيلوا أن من قتل في عهده من العراقيين ما يفوق عدد من قتل في عهد صدام حسين وحروبه يتحدث عن الحقوق والعدالة؟

تخيلوا أن نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، الذي جدد له بناء على موافقة إيرانية - أميركية، والذي قتلت حكومته قبل أيام قرابة 14 متظاهرا ضد الحكومة، يتطاول اليوم على دول الخليج العربي بحجة الدفاع عن شيعة البحرين، ويحاضر عن الحريات والديمقراطية، ويتكلم عن رياح التغيير، فأي ترد وسخرية أكثر من هذا؟ فكيف سيكون المالكي رئيس وزراء لكل العراق، بسنته وشيعته ومسيحييه وكل مكوناته، وهو يتحدث بنفس اللغة التي يتحدث بها نجاد، أو حسن نصر الله؟ وكم كتبنا عن طائفية الحكومة العراقية وتبعيتها لإيران، وكان يقال لنا إنكم تبالغون، واليوم هاهم العرب، وتحديدا الخليجيين، وقبلهم بالطبع العراقيون، يصابون بالذهول مما يقوله ويفعله المالكي ومن هم على شاكلته، مثل مقتدى الصدر، المقيم في إيران، أو أحمد الجلبي، أحد أبرز وجوه الاحتلال الأميركي للعراق. فكيف لمن يتكلمون بهذا المنطق الطائفي أن يكونوا حراسا أمينين على مكونات الشعب العراقي؟!

فعندما يتطاول المالكي على دول الخليج وحكامها، فهو يؤكد لنا حقيقة واحدة وهي أن النظام العراقي الطائفي الحالي ليس ديمقراطيا، كما يؤكد لنا أن هذا النظام لن يطول أبدا بهذا الشكل المتطرف، فالعراق ليس للشيعة، أو لطائفة واحدة، ولا ينبغي له أن يكون كذلك، بل إن تطاول المالكي يجعل النظام العراقي نظاما معزولا، ولا مستقبل له بهذه المنطقة، إلا إذا أراد أن يكون مثله مثل حزب الله، الذي لا مستقبل له أيضا، ولكن هناك نقطة مهمة جدا لا بد أن نتنبه لها وهي أننا محظوظون بأن جميع الأوراق قد كشفت، وبات اللعب على المكشوف اليوم.

فاليوم لا يمكن أن تستمر كذبة ديمقراطية العراق، ولا يمكن القول بأن بغداد قد عادت كعضو فاعل في المشهد العربي، بل إن العراق قد أصبح عضوا فاعلا في عملية تصدير المشروع الإيراني في المنطقة.

فالقضية ليست قضية سنة وشيعة، وإن كان على عقلاء الشيعة أن يقولوا كلمتهم اليوم، بل إن القضية كلها فيمن يؤمن بالوطن، ومن يؤمن بالولي الفقيه، والفرق كبير. ولذا فنحن محظوظون اليوم بأن عملية الفرز قد تمت بشكل واضح، وبأسرع مما اعتقدنا، مما من شأنه أن يساعد كثيرا في معرفة عملاء إيران، ومعرفة من هم حريصون فعلا على أوطانهم. أما بالنسبة للمالكي وغيره في بغداد ممن يتطاولون على دول الخليج، فلا يملك المرء إلا أن يقول لهم: إذا لم تستح فاصنع ما شئت!

[email protected]