تنبأ بها القذافي من قبل

TT

لماذا فشل العقيد معمر القذافي في إدراك ما حذر منه ذات مرة عندما قال للزعماء العرب بعد شنق الرئيس العراقي السابق صدام حسين إن ما حدث خطير وإن الدور عليكم يا زعماء. اليوم الدور عليه شخصيا حيث تشترك قوات تحالف دولي في إسقاط نظامه واستهدافه بالقتل أو الاعتقال.  

لم يفعل شيئا على مستوى بلده، لم يبدل لغة تعامله مع دول المنطقة ودول العالم. لم يتعظ مما حدث في العراق مع أن درس صدام كان جليا حيث أن الديكتاتور العراقي رفض أن يتصالح مع شعبه واعتقد أن حكمهم بالحديد والنار خير وسيلة للحفاظ على سلطته. كانت أخطاء صدام رهيبة حيث أنه حصل على نافذة زمنية طويلة لتعديل سياسته منذ هزيمته في حرب الكويت وحتى خلال الحصار والتضييق الدولي عليه. استمر يناكف الدول الخارجية ولم يتوقف عن إيذاء شعبه بالملاحقة والاضطهاد بدلا من انتهاج سياسة مرنة مع الداخل والخارج. السبب أن الديكتاتوريين لا يستطيعون تغيير جلودهم. القذافي بدا هائجا مرعوبا بعد شنق صدام واعتبرها رسالة له وأمثاله ولم يكتم قلقه حيث قالها للقادة العرب إن الدور أتى عليكم. 

العقيد حصل على فرص كثيرة حتى يتحول إلى حكم طبيعي ويوقف أسلوبه الدموي ضد معارضيه ومخالفيه وضد كل من يختلف معه في العالم. كان بإمكانه أن ينفق مداخيله الهائلة حيث انه كان وربما لا يزال يملك رصيدا ضخما من الأموال التي خزنها في فترات حصار وبعده حتى صار في المرتبة الثالثة على الأقل في الثراء كنظام عربي. كانت هناك وعود لتخفيف معاناة المواطنين الليبيين  وتحسين مستوياتهم المعيشية وخدمات الحكومة وإلغاء القوانين القراقوشية والانتقال إلى نظام عادي يتعامل بتسامح مع خصومه ويوسع دوائر المشاركة الحقيقية بدلا من المسرحيات الهزلية التي تتحدث عن اللجان الشعبية وحكم الشعب وانه مجرد زعيم بلا صلاحيات.. كله هذر لم يصدقه احد في يوم من الأيام. 

ثبت من أزمة القذافي الصعبة انه شبه مستحيل أن يتعظ الحاكم المطلق، لم يتعظ صدام من هزيمته في عام 91  واستمر لسنين لاحقة يفكر في الانتقام بدلا من التصالح والتغيير، وهاهو القذافي الذي قصف بيته وحوصر وحوكم رجال مخابراته في لوكربي واجبر على دفع ديات وتعويضات هائلة، رغم هذا لم يكف عن التضييق والتآمر والاستمرار في حكمه القديم كأن العالم لم يتغير من حوله.

لقد اخفق حتى في ساعة الصباح الأولى بعد إقرار مجلس الأمن الذي يجيز استخدام القوة لتحييد قوات القذافي إن استخدمها وكانت تلك حماقة أخرى منه عندما هاجمت طائراته بنغازي فعجلت بإعلان الحرب الدولية عليه بتأييد شعبي عالمي. 

الآن هو في آخر فرصة له، هذا اذا كانت قد بقيت له فرصة في أن يبحث عن مخرج سلمي مع أن الوضع لا يبدو أنه سيعطيه هذه الفرصة.

[email protected]