بغداد تتحاشى الخطر

TT

بعد أقل من 24 ساعة من تلقيها تحذيرا قويا من الولايات المتحدة، ردت بغداد على واشنطن بطريقة من المفترض ان تساعد على تخفيف التوتر في المنطقة.

تلخص التحذير الاميركي لبغداد في ألا تحاول استغلال الازمة الراهنة في افغانستان لتكثيف مناوراتها الاستفزازية ضد طائرات الحلفاء التي تراقب منطقة الحظر الجوي في شمال وجنوب العراق. وتبدو اهمية التحذير من تكليف سفيرالولايات المتحدة لدى الامم المتحدة نقله مباشرة الى نظيره العراقي. غلف العراق رده في سيل من التهجمات التقليدية على الولايات المتحدة، الا انه من الواضح ان هذه التهجمات مخصصة للاستهلاك المحلي إذ ان الرد الحقيقي تلخص في تعهد من الجانب العراقي بتنفيذ ما طلبته واشنطن على وجه التحديد، في الوقت الراهن على الاقل.

قد يتفق معظم المحللين على ان الخطوة العراقية تصرف عاقل، فالقيادة العراقية حاولت الابتعاد عن الخطر، خصوصا ان هناك مجموعات ضغط تسعى لحمل واشنطن على شن حرب اخرى على العراق بداعي ضرورة الاطاحة بالنظام هذه المرة. ومن شأن حرب جديدة على العراق ان تؤدي الى زعزعة الاستقرار الهش في المنطقة والتسبب في أحداث قد تصعب السيطرة عليها بسهولة. ومجموعات الضغط المذكورة تحاول ايضا التقليل من شأن الرد العراقي وتجاهل مضمونه الاساسي الذي يطمئن واشنطن.

وكان مؤتمر وزراء خارجية الدول العربية والاسلامية في الدوحة قد رفض مسبقا فكرة استهداف العراق، وفي واقع الامر ليس هناك اي تأييد في العالم الاسلامي لتوسيع دائرة الحرب الراهنة ضد الارهاب الى خارج حدود افغانستان.

ويحظى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حاليا لمكافحة الارهاب بتأييد 112 دولة، أي حوالي ضعف عدد الدول التي ايدت التحالف الدولي الذي حرر في الكويت عام 1991. ولكن يجب ألا ننسى ان العمل الحالي ضد الارهاب نال في مجلس الأمن الاجماع عليه، مما يعني ان الولايات المتحدة لا تملك حاليا تفويضا مطلقا باختيار الدولة التالية التي ستحاربها باسم القضاء على الارهاب. والامر المؤكد هو انه لن يكون هناك تأييد دولي لأي عمل لا تدعمه ادلة حقيقية ويفتقر الى الاجراءات الخاصة بعملية اتخاذ القرار من خلال منظمة الامم المتحدة.