أجواء الحرب مع الحريري

TT

رافقت رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في رحلته الاخيرة الى كل من ايران ومصر، والحق انها كانت رفقة ممتعة، ليس لأنها رحلة بلا تذاكر سفر بل لكونها رحلة قصيرة مكثفة بالمعلومات وسريعة الحركة سياسياً وفي مناخ متوتر وخطير عالمياً. وليس سراً ان الحريري يخلط بين علاقاته الرسمية والشخصية، أعني ان صداقاته العليا العديدة التي كونها خارج الحكم تخدم مهمته الحالية في كرسي الوزارة، ونرى آثارها واضحة في قدرته على التواصل اقليميا ودوليا.

في الطائرة سألته عن رواية تقول انه ذاهب الى طهران بعد مطالب اميركية من حزب الله، فرد الحريري ساخرا لماذا هو الذي يتوسط في موضوع كهذا وهناك من هو اقدر على تحقيقه، انها «قصة ملفقة» كما قال. والحقيقة انني اصدقه لأن الحريري ليس الوسيط المناسب في موضوع لحزب الله. وعندما وصلنا كانت الرسالة الرئيسية التي سمعناها من الحريري ان قرار مجلس الامن الجديد ضد الارهاب يتطلب تشاورا، لأن الدول التي يمكن ان يشملها التهديد الجديد ستكون في معظمها عربية واسلامية. لهذا من الضرورة التفاهم قبل صدور المذكرة التفسيرية للقرار. فالقرار الجديد قد يعطي غطاء شرعيا لضرب اي دولة ما لم توضح الامور بشكل يفرق بين مقاومة المحتل وارتكاب الاعمال الارهابية.

وبعد ان اغلق الباب وراء الحريري والرئيس الايراني محمد خاتمي فوجئنا بموكب يأتي مسرعا وينزل منه رجال يحملون حقائب سوداء، كانوا يسيرون ايضا بسرعة غير مألوفة في مثل هذه الدواوين. سألنا فقيل لنا انه وفد سويسري برئاسة وزير المالية والاقتصاد مع اعضاء سفارته، صعدوا الدرج كفرقة كوماندوز لا فريق من الدبلوماسيين. فسألنا ما الذي أتى بالسويسريين في هذا الوقت العصيب؟ فرد احدهم بأن الوفد ربما يحمل رسائل الحرب على اعتبار ان سويسرا في ايران تمثل الحكومة الاميركية.

في نصف الساعة الاخير من الرحلة الى القاهرة تلقى الرئيس الحريري اتصالا وهو في الجو يبلغه ان الحرب على وشك الحدوث وان الممرات الجوية في الاجواء المحيطة بأفغانستان قد اغلقت، وبعد وصولنا الى القاهرة جاءت النتيجة صحيحة، فقد اطلقت الحرب اول صواريخها.

وبعد عودته من افطار الصباح مع الرئيس المصري حسني مبارك لم يجب بأكثر من تعليق واحد قال فيه عن اللقاء انه رأى الرئيس اكثر ارتياحا من اي وقت مضى، فما كان الرئيس مبارك يحذر منه طويلا ولا يلتفت اليه الغرب اصبح حقيقة. فهو اكثر من كان يحذر من مغبة الارهاب المتنامي المسكوت عليه غربيا.

سألت الرئيس الحريري ان كانت الامور قد تصل الى استخدام القوة في المنطقة من قبل واشنطن ان لم تلب طلباتها، فأجاب ان كل شيء ممكن الحدوث بعد احداث نيويورك والوضع في غاية التوتر الآن، ولا اعتقد ان احدا في منطقتنا لم يشعر بالشيء نفسه.