هل قايض الخليج ليبيا بالبحرين؟

TT

الآراء والتحليلات حق للجميع، لكن الإشكالية هي عندما يكون التحليل مبنيا على معطيات خاطئة. إحدى وكالات الأنباء طرحت تحليلا يقول إن الخليجيين نجحوا في مقايضة ليبيا بالبحرين لدى الغرب، واستعانت الوكالة بخبراء لتأكيد تحليلها، فهل ذلك صحيح؟ الإجابة ببساطة: لا!

فدول الخليج هي التي طالبت بقرار فرض حظر جوي على ليبيا، وسعت إلى أن تتبنى الجامعة العربية ذلك الطلب، أي أنها مهدت الأرضية له، مما أدى إلى صدور قرار الجامعة الذي بدوره طالب مجلس الأمن الدولي بضرورة إصدار قرار أممي لفرض الحظر الجوي على الأجواء الليبية، وهو ما تم بعد ذلك. فكيف يمكن القول بأن دول الخليج قد قايضت الغرب على أن تكون ليبيا مقابل البحرين؟ أمر لا يستقيم، وغير صحيح من أساسه، فالخليجيون هم أصحاب المطالبة بقرار ضد ليبيا، وقبل الجامعة، فكيف يقايضون الغرب؟!

الأمر الآخر، والذي يدحض «المقايضة»، أن هناك انتقادا موجها للخليجيين من قبل الغرب لأنهم يتلكأون في المشاركة بالتحالف الدولي المنفذ لقرار مجلس الأمن في ليبيا. وبالطبع، في هذا الأمر أيضا ملاحظتان؛ فطريف أن يحاول البعض التشكيك بقرار دخول قوات درع الجزيرة للبحرين، رغم ما بين دول الخليج من مواثيق واتفاقيات، بينما ينتقد اليوم عدم مشاركة الخليجيين في ليبيا، أو يقول إن الخليجيين قد قايضوا ليبيا بالبحرين! قراءة كان يتوقع أن نجدها منشورة في وسائل الإعلام الإيرانية، وليس في وكالة أنباء دولية محترمة.

المهم، ورغم كل ما سبق، يجب القول هنا بأن في انتقاد الغرب للخليجيين على عدم مشاركتهم في ليبيا رجاحة، فكان يفترض أن يشارك الخليجيون ولو بقوة رمزية، أي على غرار قوات درع الجزيرة، بمعنى أن تشارك السعودية والإمارات وقطر، بمجموعة من طائرات حربية، وتحت مسمى محدد، مثل قوات دول مجلس التعاون، وليس تحت مسمى دولة بعينها، وذلك لسبب بسيط، فمصر ليست بوارد القيام بأي دور اليوم، ولا يوجد من هو قادر على فعل ذلك عربيا سوى دول الخليج. وأهمية هذه المشاركة تكمن في ضرورة دعم الجهد الدولي في ليبيا لضمان عدم انفراطه، حيث إن هناك نقاشا محتدما في الغرب مرده الخشية من أن تظهر قوات التحالف وكأنها معتدية على دولة عربية، خصوصا أن الغرب لم يتحرك إلا بعد الطلب العربي، الذي كان أساسه الطلب الخليجي كما أسلفنا، وذلك لحماية الليبيين العزل من قمع القذافي لهم بكل أسلحته الثقيلة. وقلق الغرب عززته التصريحات المتضاربة للسيد عمرو موسى حول دور قوات التحالف في ليبيا، وربما كان يفترض عند قراءة تصريحات موسى التذكر بأنه يتأهب لدخول معركة الانتخابات الرئاسية المصرية، وهذا ما قد يستوجب ضرورة أن يفكر موسى بالاستقالة من الجامعة الآن.

وملخص القول هنا أن الحديث عن مقايضة خليجية أمر غير سليم، كما أن على دول الخليج إعادة النظر في ضرورة مشاركتها في ليبيا، وذلك لكي لا ينفرط العقد الدولي، وتطول معاناة الأبرياء الليبيين.

[email protected]