ويا لها من كعكة

TT

تعطينا ليبيا مثالا جيدا آخر للعركة على الكعكة. فما إن تم اكتشاف النفط فيها وبدأ تصديره عام 1961 وأخذت ملايين الدولارات تتدفق على طرابلس حتى صوب هذا الضابط البائس البدوي معمر القذافي، من قبيلة القذاذفة، نظره على هذه الكعكة الكبيرة فجمع حوله عددا من الضباط البائسين مثله، وقام بانقلاب على الملك عام 1969 وانتزع الحكم ومعه عوائد النفط باسم الاشتراكية والقومية وما أدري إيش. بدأ بتسلم العوائد، وعندما سألوه عنها مؤخرا قال هذا موضوع يخصني وحدي. لا يناقشني فيه أحد.

بدأ بالبذخ على نفسه وأولاده وأسرته وقبيلته، وبالطبع ضخ قسما كبيرا منها في حساباته السرية في الغرب، حتى ذكروا أن ثروته في الخارج وصلت الآن 131 مليار دولار، وهي ما يكفي لتجهز الغذاء لكل العالم العربي لأربعة أعوام. نشرت صحيفة «الغارديان» مؤخرا تقريرا مصورا عن القصر التاريخي الذي اشتراه لابنه في منطقة همستد المترفة في لندن بعشرة ملايين باوند في أيام عز الباوند الإسترليني. ويظهر أنه أنفق مثل هذا المبلغ على تعمير وتزويق وتجهيز القصر ومده بحوض سباحة خيالي مزود بكل وسائل الترف والبطر تحيط به أرقى وسائل المتعة من سينما خاصة وحمامات ساونا وتدليك مائي. وعين له كتيبة حرس لحمايته.

سمعنا الكثير عن حكاياته الأسطورية في بذل المال يمينا ويسارا حتى بشكل مكافآت للحسناوات الإيطاليات اللواتي يعتنقن الإسلام. وكل هذا من باب حرصه على الدين! ولكن ما دفعه لهن يعتبر صفرا بالنسبة لما دفعه لأحد رؤساء الدول الأفريقية الذي وعده بنشر الإسلام في بلاده. سأله الرئيس كيف أدخل الإسلام؟ أجابه بالطهور. وجاءه بمطهرجي قام بختانه. وعندما اكتشف القذافي أنه لم يبر بوعده في نشر الإسلام بجمهوريته، طالبه بإعادة الفلوس. فأجابه قائلا: «حسنا، أعيدوا لي حشفة عضوي وأنا أعيد لكم منحتكم!».

حكايات وأساطير ونكات، أصبح يتندر بها العالم عن الجماهيرية الشعبية الاشتراكية الليبية العربية المتحدة ورئيسها عارض الأزياء وحرسه الأنثوي من النساء المطهمات.

قولوا معي، آه! يا ما أحلى الكعكة عندما تكبر وتحلى بالدولارات!

أنعجب إذا سمعنا كيف أن ابنه سيف الإسلام يقول إنهم سيقاتلون حتى آخر رجل؟ آخر رجل ممن؟ من حاشيته أو قبيلته أو الشعب الليبي بكامله؟

ما قام به القذافي عام 1969 هو عملية خطف وتسليب. مسك بالكعكة المسلوبة وراح يعض عليها، والشاطر من يستطيع أن يسترجعها من بين فكيه.

ما العمل مع هذا النوع الجديد من قطاع الطرق؟ الحل هو أن تمتنع الدول العربية، عبر الجامعة العربية أو من دونها، من الاعتراف والتعامل مع أي نظام ينتزع الحكم بالقوة حتى يجري انتخابات شرعية تحت رقابة دولية ويلتزم بنتائجها. وعلى الأمم المتحدة في الواقع أن تطبق نفس القاعدة التي ستضمن للعالم استتباب السلام وانتشار الديمقراطية وقمع الفساد وصيانة حقوق الشعوب وثرواتها من النهب.