رسالة إلى أمين مجلس التعاون

TT

معالي الدكتور عبد اللطيف الزياني.. أمين عام مجلس التعاون الخليجي (المعين):

بعد أيام قليلة ستتولى مهام منصبك رسميا، في أخطر مرحلة تمر عبر تاريخ دول الخليج، بل إنه ليس من المبالغة إذا قلنا إن المرحلة الحرجة التي تعيشها دول المجلس الست، حاليا، باتت أخطر حتى من مرحلة الحرب العراقية - الإيرانية التي رافقت تأسيس المجلس مطلع الثمانينات، والغزو العراقي للكويت.

ولعل أول ما ينتظره منك مواطنو المجلس، هو كيفية التعاطي مع دول الجوار. وبما إن جيرانكم، أيها الأمين، صرحوا بها، وبانت مواقفهم مكشوفة، ومباشرة، فلا أفضل من المصارحة. أما سياسة المجاملة وتطييب الخواطر، وعفا الله عما سلف، فلا أظن أنها تنفع وجرح المجلس ينزف، ممن كنا نظنهم جيرانا، ناهيك عن كونهم عربا وإخوة. فضحتهم طائفيتهم. وأزكمت أنوفنا رائحة تحريضهم، وانقضاضهم، الذي لم يفاجئنا، مع أول فرصة تسنح لهم، أو هكذا بدا لهم.

فها هو جارنا الشمالي، العراق، يطعن المجلس، مع أول فرصة تسنح له، لا أقول حكومة المالكي العرجاء، نصف المنتخبة، بل للأسف، أقول العراق، ببرلمانه، وعلمائه، ومرجعيته الكبرى. ها هي المظاهرات، التي حرض عليها هؤلاء، تعتدي على رموز مجلسكم، أيها الأمين، وتقذعهم بما يندى له الجبين، يتطاولون ويزعمون أن ذلك، فقط، بسبب دخول قوات درع الجزيرة للبحرين، بل كذبوا، وما قالوا إلا بهتانا عظيما، فما قاموا به، من طائفية مقيتة، لم يكن إلا وسيلة، وإلا فالغاية لا تخفى على أحد، فيا أيها الأمين.. هل يغفر لهم المجلس خطاياهم هذه، وكفى الله المؤمنين القتال؟

أما جارنا الشرقي، فلن أزيد أكثر، فإيران مستعدة لإشعال خليجنا العربي بأكمله، وهي صرحت بذلك ذات مرة، لخدمة طموحات تصدير الثورة بالطبع، فهل هناك حاجة لدليل، وأنت رجل الأمن الذي عاصرت بنفسك، وشاهدت بأم عينك، ما يقال، وما لا يقال، عن تدخل طهران الواضح بالبراهين، فانزع عن مجلسكم الموقر، ما كان يقوم به سلفكم، من الانتظار طويلا في خانة رد الفعل، وبادر لتوضيح مواقف شعوب الخليج، والحفاظ على حقوقه، وكرامته، فأنت لست موظفا لكي تنفذ سياسة دول المجلس، فقط، بل من ضمن مهامك تمثيل مواطنيه، والرد عنهم، وحماية كرامتهم، أفأنت فاعل أيها الأمين؟

ثم اعلم أيها الأمين، وعساك أن تكون كذلك، أن الذئاب تحاصر مجلسكم من كل حدب وصوب، فلا يغرنك، من يسعى، وبقوة، لأن يظهر غير ما يبطن، فأهوال السياسة تثبت يوما بعد الآخر أن سياسة المصالح هي الأبقى، وليس أفضل من دول المجلس لتنفيذ هذه الاستراتيجية، وإذا كان هناك من فضح نفسه، وهذا بحمد الله وفضله، فإن هناك من ينتظر فرصة أخرى ليطعن، والشواهد ماثلة أمامكم، فما حدث في البحرين وعمان، فتح آمالا شريرة من كثيرين لأن تلحق الفوضى ببلدان الخليج، صحيح أن ظنهم خاب، وآمالهم ذهبت أدراج الرياح، لكن الأمنيات لدى كثيرين منهم لا تتوقف عن الأقوال فحسب، فهناك من يعمل بجد ونشاط، فوق الطاولة، وتحت الطاولة أيضا، وهذا دورك لأن تكشفهم، وتكون خط الدفاع الأول عن مصالح دول المجلس، بالقول الصادق والفعل التابع، وليس بالكلام المصبوب حبرا في ميثاق مجلس التعاون.

بقى أن أقول لك: حذار ثم حذار أيها الأمين، أن تعتقد أنك لا تزال تمثل بلدك الذي تحمل جنسيته، فبمجرد توليك منصبك مطلع الشهر المقبل، ستكون أنت سعوديا إماراتيا قطريا كويتيا عمانيا، وبالطبع بحرينيا، اخلع، رجاء، بحرينيتك ما دمت على هذا الكرسي، أما وأنت خارجه فلا أحد ينازعك في وطنيتك، وانتمائك. فلا يعقل أن يمثل الأمين العام، أحيانا، مصالح بلده فحسب! ولا يجوز أن يكون الأمين موظفا لدى وزير خارجيته، بل هو مسؤول أمين عن مصالح 6 دول خليجية، مجتمعة، حملته أمانة، ويجب أن تبقى في عنقه، حتى يوم خروجه من منصبه، ونأمل أن تظل هكذا حتى يوم خروجك بعد سيرة حافلة، فتكون مصلحة مواطني ودول مجلس التعاون هي هدفك الأسمى.. والأوحد، أيها الأمين.

[email protected]