5 أساطير خاصة بالأمم المتحدة

TT

قبل أكثر من أسبوع، أقرت جلسة حاسمة بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدخلا عسكريا في ليبيا. وفي أعقاب هذه الجلسة، دعا سكرتير الأمم المتحدة جميع الدول الأعضاء إلى دعم تدخل دولي هناك. ولكن، ما مدى أهمية موافقة هذا الكيان الدولي في الوقت الحالي؟ وبعد أن ساعدت الأمم المتحدة على شن ضربات عسكرية ضد قوات الزعيم الليبي معمر القذافي، هل في مقدورها الآن العثور على طريق للخروج من الأزمة الراهنة؟

1) قرار الأمم المتحدة يجعل الحرب شيئا مشروعا

لا تعد الشرعية شيئا مطابقا للقانونية. ويجعل قرار مجلس الأمن، مثل القرار الذي مرر في 17 مارس (آذار) ويجيز للمجتمع الدولي حماية المدنيين وفرض منطقة حظر طيران داخل ليبيا، من الحرب شيئا قانونيا – ولكنه لا يجعلها بالضرورة شيئا مشروعا.

ويعتقد الكثير من المراقبين أن مجلس الأمن، وعضويته العتيقة التي تعود لوقت الحرب العالمية الثانية وحقوق الفيتو القوية والمفاوضات السرية، في حد ذاته، كيان غير مشروع. امتنعت روسيا والصين والهند والبرازيل وألمانيا – الذين يمثلون أكثر من 40 في المائة من سكان العالم – عن التصويت على القرار الخاص بليبيا، الأمر الذي أثار المزيد من الشكوك عن مدى الدعم الدولي الذي يحظى به القرار.

وعلاوة على ذلك، فقد أجاز مجلس الأمن العديد من المهام التي سرعان ما ضاعت، بغض النظر عن البريق واللمعان اللذين كان يميزان هذه المهام عند النظر إليها في بادئ الأمر. وفي التسعينات من القرن الفائت، على سبيل المثال، منيت قرارات التدخل المدعومة من الأمم المتحدة داخل البوسنة والصومال بفشل كبير – وكان كلا القرارين بهدف التعامل مع أزمات إنسانية خطيرة. وعندما ينظر الجمهور الأميركي والدولي في صحة مبادرة جديدة تحت رعاية الأمم المتحدة، فإن السجل المتباين الخاص بالمجلس لا يعمل في صالح هذه المبادرة.

2) كانت إدارة بوش تكره الأمم المتحدة، بينما تحب إدارة أوباما هذا الكيان

ليس دقيقا. نعم، قرار إدارة بوش بشن الحرب داخل العراق من دون الحصول على موافقة من مجلس الأمن أكسبها سمعة دائمة لكراهية المنظمة، ونعم لقد أعلن جون بولتون، الذي كان سفير الرئيس جورج دبليو بوش في الفترة من 2005 حتى 2006، في يوم من الأيام: «لا يوجد شيء اسمه الأمم المتحدة».

ولكن، لا يسيطر نقد بولتون على سجل إدارة بوش بالكامل، حيث توسعت بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بشكل كبير خلال الولاية الثانية للرئيس. ومن خلال دعم كامل من جانب الولايات المتحدة، أجازت الأمم المتحدة بعثتين كبيرتين لحفظ السلام داخل السودان بين 2005 و2008. وفي المقابل، كان أول عامين لإدارة أوباما من أبطأ الفترات في تاريخ المجلس. وفي ما يتعلق بقضايا مهمة، بما في ذلك العراق وأفغانستان وكوريا الشمالية وإيران، لم تختلف علاقات بوش وعلاقات الرئيس أوباما مع الأمم المتحدة بشكل كبير.

3) دائما ما تعارض روسيا والصين التدخل الدولي

في الواقع، لقد وافقت موسكو وبكين على جميع أنواع التدخل المقرة داخل الأمم المتحدة على مدار العشرين عاما الماضية، بما في ذلك التدخل داخل شمال العراق والصومال وهايتي، وحاليا، ليبيا. كما وافقا أيضا على رفع جرائم يزعم ارتكاب السلطات السودانية والليبية لها إلى محكمة الجنايات الدولية، وهو كيان لا ينضمان إليه ولا يدعمانه بصورة نشطة.

وتميل كل من روسيا والصين إلى اتخاذ منحى شكوكي تجاه التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، لأنهما يخشيان من أن هذه السابقة يمكن أن تتحول يوما ما ضدهم. كما أن الصين لا ترحب بأي قرار يمس تايوان ولو بصورة غير مباشرة، بينما تدافع روسيا بقوة عن قيادتها داخل جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.

ولكن خارج هذه النطاقات، فإنهما يوافقان في الأغلب أو لا يعارضان منع أي تدخل عندما تضغط الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية من أجل القيام بذلك بقوة. ولا تستخدم روسيا والصين التهديد الضمني باستخدام حق الفيتو من أجل صياغة الخيارات والمداولات داخل مجلس الأمن، ولكن فكرة أنهما يعوقان القرارات بشكل ثابت تعد فكرة زائفة.

4) الأمم المتحدة تعاني فسادا كبيرا لا يجعلها تتحلى بفاعلية

من المألوف أن توجه انتقادات داخل كابيتال هيل إلى الأمم المتحدة، بسبب الفساد وعدم الفعالية. وقد وصف رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب إلينا روز ليتين (الجمهوري من ولاية فلوريدا) الأمم المتحدة بأنها (كيان) «عاطل عن العمل»، ودعا إلى وقف الأموال التي تقدمها الولايات المتحدة ما لم تتعامل المؤسسة مع «الإسراف والاحتيال وسوء الاستخدام».

وعندما يناقش منتقدو الأمم المتحدة فضائح داخل المنظمة، يبدأون غالبا (وينتهون أحيانا) ببرنامج النفط مقابل الغذاء السيئ السمعة للعراق، والذي استمر من 1995 حتى 2003. ويشيرون إلى أن الفساد داخل الأمم المتحدة سمح لصدام حسين بأن يستنزف مليارات الدولارات في صورة عوائد نفطية كان المراد منها أن تكون مساعدات إنسانية.

وتكتسب الحقائق قدرا أكبر من التعقيد، حيث تجد التحقيقات الشاملة في الفضيحة حالات فساد على المستوى المتوسط، ولكنه كان بالأساس لا مبالاة وخلافا بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن القائمة على مراقبة العقوبات، والتي سمحت بأن تخرج الأموال عن مسارها أكثر منه فسادا من جانب العاملين بالأمم المتحدة.

وتوجد الكثير من الأسباب التي تجعل الأمم المتحدة ليست فعالة بالقدر الذي تستطيع، ولا يعد الفساد السبب الرئيس.

5) بعثة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة ستساعد على تحقيق الاستقرار داخل ليبيا

مع تطور الأوضاع داخل ليبيا، فإن الحاجة إلى قوة دولية تعمل على تحقيق الاستقرار وتوجه الدولة خلال الانتقال السياسي - ستكون ملحة، وستحظى فكرة إيجاد قوة تابعة للأمم المتحدة من أجل حفظ السلام بجاذبية.

ولكن ربما لا تكون قوات حفظ السلام هي الحل، فـ«الخوذات الزرقاء» الشهيرة تكون فعالة عندما تكون بمثابة حاجز صد بين القوات العسكرية النظامية والمنظمة. وقد ساعدت قوات الأمم المتحدة الحيادية في بعض الحالات على منع نشوب النزاع مجددا بمجرد تطبيق وقف لإطلاق النيران.

ولكن في المناخ الأكثر ميوعة، تفقد قوات حفظ السلام طريقها. ويأتي معظمها من جيوش دول نامية ولا تكون لديهم عادة المعدات الثقيلة والتدريب والتنسيق لتنفيذ قتال معقد أو القيام بعمليات تهدف إلى تحقيق الاستقرار. ومن جانبه، في الأغلب يمنح مجلس الأمن سلطات مربكة إلى قادة حفظ السلام في الميدان. ولنتذكر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة داخل رواندا والبوسنة أثناء حدوث مذابح – ولكن ليس لديها الوسائل اللازمة ولا التفويض لوقف ذلك.

* أستاذ مساعد في كلية الخدمة الدولية التابعة للجامعة الأميركية ومؤلف «خمسة يحكمونهم جميعا: مجلس الأمن والعالم المعاصر»

* خدمة «واشنطن بوست»