الهدف هو حماية الشعب الليبي

TT

أتى يوم أمس وزراء خارجية من أكثر من 40 دولة - من أميركا وحتى آسيا، من أوروبا وحتى أفريقيا، من الأمم المتحدة وحتى العالم العربي - لحضور مؤتمر في لندن. كان هناك هدف واحد لهذا المؤتمر وموضوع واحد على جدول أعماله: كيف يمكننا معا مساعدة الشعب الليبي في ساعة حاجته؟

نعتقد أن باستطاعة الشعب الليبي التطلع نحو مستقبل يخلو من العنف والقمع وعدم اليقين. ويمكننا أن نرى الوقت الذي يتمكن فيه الشعب الليبي من تحديد وتولي زمام مصيره بنفسه. لكننا ندرك كذلك أنه بينما نظام العقيد القذافي مستمر في أعمال البطش والقتل التي يرتكبها، وبالنظر إلى الكم الكبير من الدمار الذي تسبب فيه، ليس باستطاعة الشعب الليبي تحقيق ذلك المستقبل دون مساعدة. لهذا السبب اجتمع تحالف يضم أكثر من 40 أمة يوم أمس لمناقشة وإقرار المساعدة للشعب الليبي المقدمة على ثلاث جبهات.

أولا، أكدنا التزامنا بقرار مجلس الأمن الدولي الذي أقر قبل أقل من أسبوعين - قرار استخدام القوة لوقف التقدم الفتاك لقوات نظام القذافي. ومنذ ذلك الحين ساعد فرض منطقة الحظر الجوي فوق ليبيا في إضعاف قبضة النظام إلى حد كبير. والإجراء الذي نفذناه أنقذ مدينة بنغازي، وحال دون وقوع مذبحة. كما أنقذ حياة أعداد لا تعد ولا تحصى من المواطنين. لكن جهود حماية الشعب الليبي ما زالت بعيدة عن تحقيق أهدافها؛ فقد وردتنا يوم أمس أنباء عن وقوع هجمات جديدة ضد المدنيين في مصراتة، والقناصة يستهدفونهم في الشوارع، وقطعت عنهم إمدادات الغذاء والمياه والكهرباء. ويستمر القذافي ونظامه في ارتكاب أعمال وحشية فظيعة في انتهاك صارخ لقرار مجلس الأمن. لهذا السبب علينا الاستمرار بتنفيذ قرارات مجلس الأمن طالما استمرت الحاجة لذلك لأجل حماية الشعب الليبي من الخطر.

ثانيا، اتفقنا على مدى أهمية تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للمدن والمجتمعات التي تعاني في ليبيا. إن المساعدات بدأت بالفعل في الدخول إلى ليبيا. وفي بنغازي عادت منظمة الصليب الأحمر الدولي ومنظمة الإغاثة الإسلامية والهيئة الطبية الدولية إلى المدينة وتبذل جهود كبيرة للمساعدة فيها. وفي أجدابيا تفيد التقارير بأن المستشفى يقدم خدماته للمواطنين، رغم أنه بحاجة عاجلة للمزيد من الإمدادات الطبية. وحتى في المدن التي ما زالت تحت وطأة الهجمات، مثل مصراتة، تمكنت الوكالات الإنسانية من إدخال بعض المساعدات للمواطنين الذين يعانون فيها. لكن يتعين على المجتمع الدولي بمجمله التعاون لمضاعفة هذه الجهود وإدخال المزيد من المساعدات الحيوية وإنقاذ المزيد من الأرواح. وقد عرضت قطر خلال المؤتمر يوم أمس تسهيل بيع النفط الليبي حيثما يتماشى ذلك مع القانون الدولي، وخصوصا أحكام قراريّ مجلس الأمن الدولي رقم 1970 و1973 وغيرهما من القرارات ذات الصلة، ودعم الشعب الليبي في الاستفادة من عوائد النفط لتلبية احتياجاتهم الإنسانية.

ثالثا، علينا مساعدة الشعب الليبي بينما يبني مستقبله الجديد. فهناك أعمال إعادة إعمار فعلية يتوجب القيام بها - من مستشفيات وبيوت ومحال تجارية دمرها القذافي ونظامه - وعلى الأمم المتحدة مساعدة منظمات إقليمية للمساعدة في إصلاح هذه الأضرار. كما أن هناك عملية بناء سياسية يتوجب القيام بها - وهذه بالطبع أكثر صعوبة.

يجب أن يترك للشعب الليبي حرية اختيار المستقبل الذي يريد. ورؤية تحقيق مستقبل جديد تساعد الشعب في كافة أنحاء ليبيا حاليا في إبقاء الأمل حيا في نفوسهم - من عائلات تخشى على حياتها في مصراتة وحتى أطباء يعملون لإنقاذ الجرحى في أجدابيا - لكن اليوم، وفي هذه الأوضاع، لديهم فرصة بسيطة لتقرير مصيرهم بأنفسهم. نأمل أن يتنحى القذافي عن الحكم ويترك ليبيا لكي يتوقف سفك الدماء. لهذا السبب من الضروري استمرارنا في تنفيذ قرارات مجلس الأمن ضد نظام القذافي - ولهذا السبب يتوجب على المجتمع الدولي بذل كل ما في وسعه لمساعدة الشعب الليبي في بناء ذلك المستقبل الجديد. وفي هذا الصدد شكّلنا يوم أمس فريق اتصال حول ليبيا ليقود الجهود الدولية - ليكون القوة السياسية الدافعة إلى جانب مهمتنا العسكرية لحماية المدنيين. وقد وافقت دولة قطر على استضافة أول اجتماع لفريق الاتصال، في اسرع وقت ممكن، وهي بذلك مستمرة في إبداء الدور القيادي الذي تلعبه الدول العربية لأجل وضع نهاية لهذه الأزمة.

إن كل هذه الأمور - من عقد المؤتمر وتشكيل فريق الاتصال والعزم الدولي - ترسل رسالة واضحة للعقيد القذافي: لن نسمح لك بالاستمرار في البطش بشعبك. كما ترسل رسالة أمل للشعب الليبي أيضا: إننا نقف إلى جانبكم. سوف نستمر في حماية أرواح الشعب الليبي والدفاع عن حقوقه ودعم تطلعاته - وسنستمر في دعمه على الدرب الذي يختار المضي فيه.

* رئيسا الوزراء

البريطاني والقطري

خاص بـ «الشرق الأوسط»