سورية هل تغلِّب الحسم الأمني؟

TT

خطاب الرئيس السوري الذي ألقاه أمام مجلس الشعب، بدمشق، يوحي بأن الحكومة السورية قد قررت مواجهة أزمتها الداخلية بالإجراءات الأمنية المشددة، وليس بحزمة من القرارات الإصلاحية، خصوصا أن الرئيس السوري اعتبر أن ما يحدث في بلاده مؤامرة.

الرئيس السوري يقول إن ما يحدث في بلاده يأتي على خلفية «صرعة» الثورات الحاصلة في المنطقة، علما أن دمشق كانت تعتبر ما حدث في مصر، وغيرها، صوت الشعوب التي تعبر عن عدم رضائها على سير حكامها.. صحيح أن الرئيس الأسد قال في خطابه إن الإصلاح ضرورة، لكن لم يصدر أي قرار إصلاحي في خطابه أمس، مما يشير، وبناء على التقارير التي تحدثت قبل أيام، إلى أن هناك خلافا في دمشق، خلف الأبواب المغلقة، حول كيفية التعامل مع المظاهرات غير المسبوقة التي اندلعت في عدة مدن سورية، وقيل إن هناك رأيا ينادي بمزيد من الإصلاح، ورأيا آخر ينادي بمزيد من القوة في التعامل مع المتظاهرين. وبالطبع كانت هناك شواهد تشير إلى صحة ذلك، فهذا ليس حديث الإعلام أو الفضائيات التي انتقدها الرئيس السوري مطولا في خطابه، بل القضية أبسط من ذلك.

فقبل ثلاثة أيام أعلن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، وعبر وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، أن الرئيس الأسد سيلقي كلمة هامة خلال اليومين المقبلين تطمئن كل أبناء الشعب، مما جعل سقف التوقعات يرتفع بشكل كبير، سواء لدى الشعب السوري وهو المعني أولا وأخيرا، والأمر نفسه لدى المراقبين في الخارج، فما يحدث في سورية ستكون له انعكاسات بكل تأكيد على ملفات كثر بالمنطقة، سواء بالسلب أو الإيجاب، إلا أن ما حدث هو أن كلمة الرئيس لم تشتمل على أي قرار إصلاحي، بل كانت مجرد وعود بدراسة ما أعلن عنه الأسبوع الماضي من قرارات قيل إنها إصلاحية!

وكما كان متوقعا، فعلى الفور، وبعد خطاب الرئيس السوري، خرجت مظاهرات في اللاذقية وتم تفريقها بإطلاق الرصاص، وهناك أخبار عن وقوع إصابات خطيرة، وهذا يعني أن دمشق قد قررت الدخول في منطقة يصعب التكهن بها اليوم، كما أن دمشق بعدم اتخاذها قرارات إصلاحية حقيقية تكون قد صعّبت من الحلول في حال استمرت المظاهرات، والمواجهات في المدن السورية، فالتأخير في اتخاذ القرارات الإصلاحية سيكون مكلفا كلما تأخر الوقت. كما أن المواجهة الأمنية ستكون لها انعكاسات خطيرة على سورية ككل، داخليا، وخارجيا، وهذا أمر خطر. وعليه، فإن قادم الأيام سيقول الكثير، فهل يتوقف الشارع السوري عن التظاهر بعد أن اتضح أن القوة هي الخيار لمواجهتهم، أم ستتطور الأحداث هناك، ويرتفع سقف المطالب؟ المؤكد أنه يصعب الجزم بشيء الآن، إلا أن الواضح اليوم هو أن دمشق فوتت فرصة لإعلان إصلاحات جذرية ينتظرها السوريون، وهذا خطأ كبير، فالإصلاحات، أولا وأخيرا، هي احتياج سوري حقيقي، وحتى لو تمت الآن، وتحت الضغوط، فلن يكون الأمر انتهازيا كما قال الرئيس السوري.

[email protected]