الجمال والمصداقية

TT

لست من المتابعين للفضائيات العربية ولكن الأحداث الأخيرة جرتني لمتابعتها. وكانت أولى ملاحظاتي عنها روعة جمال مذيعاتها ومعلقاتها من صبايا حسناوات. قضيت أياما طويلة من حياتي الفكرية في المؤتمرات والندوات والاستماع إلى المحاضرات والمناقشات. لا أذكر أنني رأيت فتاة حسناء بين من استمعت إليهن من مشاركات. تجاوز أكثرهن الأربعينات والخمسينات وربما الستينات. وحتى من ما زلن في العشرينات أو الثلاثينات لم أر بينهن امرأة تخطف مشاعري بجمالها. لا أشك في أن كثيرا من الإناث سيعترضن علي ويتهمنني بالشوفينية الذكورية وتبني الفكرة بأن البنت الجميلة لا تضيع حياتها في طلب العلم ويتركنه للدميمات.

ولكن هذه هي الحقيقة. وأنا مغرم بهواية جمع الحقائق. اذهب لأي ندوة فكرية وحاول أن تعثر على صبية جميلة على المنصة. ولكنني سأكون عادلا وأقول، ابحث أيضا عن أي صبي وسيم على المنصة. جل المحاضرين والمشاركين هم من أمثالي الخناشير. من يريد أن يبحث عن فتاة حسناء يذهب إلى الحانات والمراقص وكازينوهات القمار ودور اللهو والخلاعة. وأعترف بأنني حيثما ألتق بفتاة بهذا الحسن أجلس أمامها وأتفرج على جمالها وعظمة من خلقها ولا أعبأ بما تقول وأوافقها على أي شيء تدلي به. فعندها البرهان اليقين: الجمال.

وجدت أن تكليف صبية فاتنة الجمال بالتعليق على ثورة الياسمين أو حماقات القذافي فيه الكثير من النشاز يجعلني أشك فيما تقول ولا أعطيه ما يستحق من مصداقية. فمن علم الوجه الجميل الحقيقة؟ وكل ذلك رغم معرفتي بأنها كانت تقرأ ما كتبوه لها. إنها عملية مفتعلة من أولها إلى آخرها ولا تليق في رأيي بمحطة محترمة. فضلا عن ذلك، كثيرا ما أنشغل بالتفرج على جمالها ويفوت علي ما تقوله. هذا وأنا في مثل هذه السن من عمري وقضيت حياتي بين حسناوات لندن. فما بالكم بشاب مراهق يعيش في دنيا الكبت العربي؟

يزيد الطين بلة أن كل المذيعات يقضين ساعات في عملية الماكياج قبل وقوفهن أمام الكاميرا. يصبح وجهها صورة فوتوغرافية ملونة أجدر بإعلان من إعلانات سيارات الفولفو لا يمت بصلة للوجه الذي خلقه الله تعالى. أجلس أمام الشاشة وأتأمل في قدرة فنانة الماكياج وما أبدعته في رسم الحواجب وتلوين الخدود والأجفان، ناهيكم عن تصفيف الشعر وصبغه.

تسعى كل شبكات التلفزيون في العالم لاستعمال غادات حسان، أملا في جلب المزيد من المشاهدين. ولكنهم في الغرب يستعملون الصبايا الحسناوات في البرامج الترفيهية. أما البرامج الجدية ونشرات الأخبار فيكلفون بها نساء أكثر نضوجا وبأقل ما يمكن من البهرجة المكياجية.

أعتقد أن استعمال المرأة كآيس كريم فيه شيء من الإساءة لكرامتها. التمييز بالعمر ممنوع في بريطانيا. وعندما عمدت إحدى المحطات للاستغناء عن مذيعة تجاوزت الأربعين أقامت دعوى عليهم بالتمييز حسب العمر وحصلت على تعويض ضخم.

وها أنا الآن أدير التلفزيون إلى محطة أخرى بعد أن واجهتني «الجزيرة» بحسناء أخرى تعلق على المجازر الدموية في ليبيا.