عبارات لا تضايقك!

TT

يضايقني أن أسمع مثل هذه العبارات كثيرا في المسلسلات: أدخل وأنام وأستريح.. أشرب كباية ليمون وأدخل وأنام، وبكره يحلها حلال!

وجه الغرابة هو أن يدخل وينام.. ينام ازاي؟ كيف يجيء بالنوم بهذه السرعة؟ والناس يندهشون عندما أقول: والله العظيم لم أنم منذ أربعة أيام أو خمسة وأحيانا عشرة أيام. كيف؟ لا أعرف. وماذا يحدث لي؟ يحدث أن أكون في حالة يقظة تامة.. ولكني مرهق وأريد أن أستريح وأن أنام. وهناك طرق عدَّة لكي أنام.. أن أتفرج على مسلسل تلفزيوني وقد اتخذت وضع النوم.. ويجيء النوم. ويكون ذلك عقابا عظيما.. فأنا إذا نمت، ولو دقيقة واحدة، فهذا يكفي لأن أصحو، ولا أنام يوما أو يومين!

أو أجيء بكتاب في موضوع يمتعني ولكن في الوقت نفسه يرهقني عقليا؛ ذلك بأن أجدني عاجزا عن التحليل وأرى السطور كالأفاعي تتلوى أمام عيني. وتركيب الكلمات بعضها على بعض.. واحدة واحدة.. أو اثنتين اثنتين.. هنا فقط أجد أن اليقظة قد أرهقتني. ولا بد أن أذهب إلى الفراش ويكون ذلك نهارا أو ليلا. وأنام نصف ساعة، ومن النادر أن تكون ساعة. وأشكر ربنا على ذلك.

وأتذكر الشاعر الألماني شيلر، الذي كلما شغله النوم عن القراءة أحرق إصبعه في الشمعة التي أمامه حتى لا ينام.. أما إذا وجد نفسه غير قادر على اليقظة فإنه يصب شرابا، كوبا واثنين وثلاثة وأربعة. ويجيء النوم. يا بخته.. إنه يشرب ثم ينام!

والأديب الفرنسي بلزاك كان إذا جلس للكتابة أتى بوعاء كبير من القهوة. ولا بد أن تكون في الغرفة فتاة في انتظاره. ومن غير القهوة والفتاة لا كتابة. وقد ينام وهو يكتب ويكون لنومه صوت عظيم. وبعد ذلك يصحو يومين أو ثلاثة!

كان والدي، يرحمه الله، يقول لي: عد من واحد لعشرة. وقبل أن أصل إلى اثنين يكون قد استغرق في النوم..

ولم أرث هذه النعمة عن أبي!