من أين تقرص (البعوضة)؟!

TT

الغباء ليس حكرا على البلاد المتخلفة، فقد يشمل معها كذلك البلاد المتقدمة، وإليكم الدليل على ذلك: فيذكر أنه شبت منذ سنوات نار في مدينة صغيرة في بنسلفانيا، فعجز رجال المطافئ عن مكافحتها، لأن الماء كان متجمدا في حنفيات المطافئ، فاجتمع مجلس المدينة ليبحث في الوسائل التي ينبغي له أن يقررها لكي يقي المدينة مستقبلا من مثل هذه الكارثة.

وبعد ساعات من المناقشة العنيفة هب رجل واقفا وصاح: «أقترح أن تمتحن حنفيات المطافئ ثلاثة أيام قبل كل نار تشب»!

وإذا بعض آخر قد هم واقفا وأيد الاقتراح، فوافق عليه المجلس.

وقد تفوق على غبائهم بذلك رجال المجلس البلدي في إحدى المدن الصغيرة العربية، التي لا أريد أن أسميها تأدبا.

فقد اجتمع رجال ذلك المجلس مع مندوب التعليم، وتقرر تشييد مدرسة جديدة، ورغبة منهم في توفير المصروفات، فقد اتفقوا على أن يكون التشييد بمواد بناء المدرسة القديمة.

إلى هنا كان الموضوع مقنعا تقريبا.

ولكنهم في النهاية قرروا: أن يستمر الانتفاع بمبنى المدرسة القديمة القائمة، إلى أن يصير مبنى المدرسة الجديدة منتهيا وصالحا للاستعمال، وذلك حتى لا تتعطل الدراسة، على حد قولهم.

هذه الرواية ليست من عندي، ولكنها مكتوبة وموثقة ومنشورة في إحدى الصحف المحلية.

* * *

أعجبتني، بل وأعجبتني جدا إلى درجة التصفيق، إجابة الأسقف (ستيفن باين) وهو في طريقه إلى لندن لتسلم منصبه الرفيع كأسقف للطائفة (الإنجليكية)، عما يشعر به حيال واجباته الجديدة، فقال:

«إنني أشبه ببعوضة في ناد للعراة، فأنا أعرف جيدا ما يجب أن أعمله، ولكنني لا أعرف من أين أبدأ».

لو أن ذلك الأسقف المحترم سألني واستشارني، لدللته بخبرتي التي لا تخطئ، من أين يبدأ.

أكيد أن الخيال عند بعضكم وصل إلى أبعد مداه.

* * *

هل صحيح: أن كل من يسرع في الحياة إنما هو يسرع نحو موته؟!

وهل صحيح أيضا: أن أعظم المواهب هي عدم استعمال كلمتين إذا كانت كلمة واحدة تكفي؟!

وأخيرا هل صحيح: أنني قد زودتها حبتين؟!

[email protected]