وأقسمنا أن نموت معا!

TT

لم أكن أعرف يعني إيه زلزال ويعني إيه بركان ويعني إيه هزة أرضية ويعني إيه الحمم البركانية. ولكن كنت في هاواي سنة 1959 عندما ثار بركان كان نائما مائة سنة، ورأيت كل هذه المعاني.. وأكثر من ذلك أنني اندفعت، ولا أعرف كيف..

واستأجرت طائرة ركبتها مع المصور لكي نلتقط صورا لفوهة البركان والبحيرة الجبارة بين أمواج النار التي خلقتها في لحظات. وقد ارتفعت درجة الحرارة داخل الطائرة الصغيرة حتى خلعنا ملابسنا. وذهب بنا الجنون إلى أن نهبط لنلتقط صورا أجمل.. وفوجئنا ونحن نطل على البركان أن وجدنا شخصا ثالثا.. يا نهار أسود! إنه الطيار وقد ترك الطائرة تلف وتدور ذاتيا ووقف معنا، فرجوناه أن يجلس مكانه. ثم هبطت بنا الطائرة في مطار هونولولو.. ووجدنا الحمم البركانية قد أصابت الطائرة في أماكن مختلفة على مسافة سنتيمترات من خزان الوقود!

وكنا أول من صور البركان، لدرجة أن وكالات الأنباء العالمية اشترت منا الصور مع عظيم الامتنان لنا؛ وهذا يكفينا.

وفي الفلبين أقاموا مطاعم فوق فوهة بركان خامل ولكنه يرتجف، وهذه الرجفة يسعد بها الزبائن، وفي الوقت نفسه لا يخافون.. فالزلزال نومه ثقيل؛ فهو يرتعش منذ خمسين عاما، وأمامه خمسون أخرى حتى ينفجر ويطيح بكل شيء حوله!

وذهبت إلى أبعد من ذلك. جنون؟ نعم. أن هبطنا إلى فوهة بركان جبار، والأرض تحت أقدامنا ترتعش ونحن أيضا.

وأذكر أنني كنت مع صديقة حول أحد البراكين في إيطاليا، والأرض تحتنا ترتجف، وتنظر لي لعلي أقول شيئا. فقلت: ولكن قلبي أكثر رجفة وأعمق. وأنا أعرف أنني أرتجف ولكن البركان لا يعرف. وأنت؟ قالت: أحبك. وأنت؟ قلت: وحياة من خلق البركان أحبك!

والبراكين تنام وتصحو، ولكن الحب إذا نام، فإنه لا يصحو.. وكذلك كنا. لأسباب كثيرة، تحدث الرجفة في قلبينا وتوهمنا أنها بشائر الانفجار العظيم، ولكنها كانت آخر الأنفاس لحب لن ينام لأنه سوف يموت.. ومات فينا أجمل ما عرفنا وذقنا وتعذبنا، وأقسمنا أن نموت معا، لأننا لم نستطع أن نعيش معا!