طعام لذيذ ليس له معنى!

TT

صحيح ما معنى الكسكسي؟ لم أجد إجابة عند أهل المغرب الذين برعوا في صناعته. وأصبحت قادرا على أن أميز الكسكسي الجيد من الكسكسي الرديء. وكل الذي في المطاعم رديء جدا؛ فالكسكسي الجيد هو الذي يصنع على بخار الشوربة وليس على بخار الماء. وسألت، فقالوا إن الكسكسي الذي ينضج على بخار الماء أطول عمرا، أما الذي ينضج على بخار الشوربة فهو أقصر عمرا. ولذلك لم أجد متعة في الكسكسي في كل المطاعم المغربية بباريس. وفي القاهرة، ليس أمامنا إلا سفراء المغرب، إذا دعونا فلا بد أن نستجيب لنتذوق الكسكسي المصنوع صناعة جيدة، مزودا بالزبيب والحمص واللحم المسلوق. وأنا طلبت من السفير المغربي: «هل تستطيع أن تطهو الكسكسي بالسمك؟». قال: «نجرب». ونجحت التجربة، وكان اختراعا بديعا!

وأحب الطقوس الكسكسية في البيوت الكبيرة بالمغرب.. تتقدم الجميلات بالإبريق وقد امتلأ بماء الورد لكي تغسل يديك، وتتقدم بالفوط الحريرية الجميلة لكي تجفف يديك، ثم الكسكسي الذي يكشفون عنه الأغطية النحاسية في حفاوة عظيمة، ومع الكسكسي بعض الخضراوات المسلوقة، وطبق واحد كبير يكفي جدا، أما بقية المائدة الفخمة فلا تهم.

ثم تجيء البسطيلة، وهي نوع من الحلوى، مصنوعة من لحم الدجاج المفروم مع الجوز واللوز، وتجيء الفتيات الجميلات لكي يغسلن يديك مرة أخرى، وبعد ذلك يجيء الشاي الأخضر!

ولم أجد للكسكسي معنى في أي كتاب، ولكن هناك حيوان صغير اسمه «الكسكسي»، وهو حيوان جيبي مثل الكانغارو؛ يلد وتبقى صغاره في هذا الجيب الذي يتدلى من بطنه يرعى فيه الصغار حتى تكبر. وهذا الحيوان يعيش على الأشجار، ويأكل الفواكه، وينام النهار، وينتعش ليلا. وهذا هو الكائن الوحيد الذي اسمه «الكسكسي».

وفي كل مرة أسال: «يعني إيه كسكسي؟»، يكون السؤال باعثا على الضحك، ثم لا يجيبون. إذن الكسكسي طعام لذيذ، وهي كلمة لا معنى لها. وإذا حاولنا أن نجعل لها معنى، ضحكنا على تداعيات هذه الكلمة. وبس!