الغزل المصري ـ الإيراني

TT

من الصعب فهم مبررات الغزل المصري - الإيراني، خصوصا بعد أن أعلن الدكتور نبيل العربي، وزير الخارجية المصري، أن دبلوماسية وسياسة بلاده الخارجية تفتح صفحة جديدة مع جميع الدول، بما فيها إيران، والمحير أن تلك التصريحات تأتي في وقت تتوتر فيه الأجواء العربية مع إيران، وذلك بسبب تدخل طهران في قضايا المنطقة بشكل سلبي.

فالكويت تحاكم شبكة تجسس إيرانية ببلادها، ويقول وزير خارجيتها، أي الكويت، إنها صعقت من حجم المخطط التآمري الإيراني، على الرغم من أن الكويت ليست بالدولة العدائية تجاه إيران، سياسيا أو إعلاميا أو اقتصاديا. والبحرين تشكو اليوم مر الشكوى من التدخل الإيراني الذي يهدد أمنها واستقرارها، بل ووجودها، وفي حال كانت مصر ما بعد 25 يناير (كانون الثاني) معنية بالديمقراطية، وحرية الرأي، فمن باب أولى أن يكون لها موقف حاسم تجاه طهران التي تتدخل في البحرين، بينما تقمع في نفس الوقت الحركة الإصلاحية في طهران.

كما أن الغزل المصري - الإيراني يأتي في الوقت الذي تشهد فيه السعودية توترا متصاعدا مع إيران، بسبب تدخل إيران في قضايا سعودية، وكذلك خليجية، أبرزها البحرين، والكويت، ناهيك عن لبنان، واليمن وغيرها، وقد يقول قائل إن كل ما سبق ليس لمصر علاقة به، وهذا بالطبع غير صحيح، ولعدة أسباب؛ فمصر دولة محورية، وذات دور، وإن كانت معتلة اليوم، فدور مصر قيادي، والدور القيادي لا يتطلب حيادا، بل مواقف.

كما أن مصر نفسها اليوم بدأت تعلو فيها أصوات تشكو، وتحذر، من المد السلفي، والإخواني، وظهور مظاهر التطرف؛ فكيف تتهادن مصر مع إيران في هذا الوقت، خصوصا أن طهران من أبرز داعمي التطرف الأصولي في عدة دول عربية؟ وكيف تغازل مصر إيران وما زال السؤال قائما، وهو: كيف هربت خلية حزب الله، ليس من السجن، بعد تنحي مبارك، وحدوث الفوضى الأمنية، بل كيفية هروبهم ووصولهم للبنان؟ ففي ذلك دليل على أن اختراق حزب الله، وبالطبع إيران، لمصر كبير، وخطر.

والأمر الآخر، والمهم، أن الحكومة المصرية الحالية هي أشبه بحكومة تسيير أعمال، أو انتقالية، وبالتالي فإن دورها هو تسهيل حياة المواطن المصري إلى أن تعبر البلاد هذه المرحلة، وانتخاب مجلس الشعب، وكذلك الرئيس الجديد، وعليه؛ فما هو المبرر لتتخذ الحكومة الحالية مواقف متسامحة مع طهران؟ بالطبع ليس المطلوب تصعيدا مصريا حيال طهران، فالعلاقة مع إيران ليست أولوية مصرية اليوم، حيث لا حدود مشتركة، ولا علاقات ثنائية بينهما ليترتب عليها الكثير.

ويكفي أن تتأمل الحكومة المصرية أمرا جديرا بالاهتمام؛ فرغم العلاقات الدافئة بين تركيا وإيران، فإن السلطات الأمنية التركية أعلنت مؤخرا عن إيقاف وتفتيش أكثر من طائرة إيرانية تعبر أجواء تركيا في طريقها إلى سورية، وعلى متنها أسلحة، وتفاصيل تلك الأسلحة مقلقة جدا، ومصادري تقول إن بعض الساسة المعنيين على علم بتفاصيل ذلك الأمر.. وعليه، فإذا كانت هذه أفعال إيران مع دولة مجاورة وصديقة مثل تركيا، فكيف ستكون العلاقة مع مصر التي ما زالت تتلمس طريقها على كافة الأصعدة؟