أعوذ بالله

TT

حكى لي أحدهم هذه الرواية وأقسم أنها حقيقية، حيث إن بطلها هو ابن عمه الذي يقول عنه إنه طلق زوجته، لا لعيب خَلقي أو خُلقي فيها، وإنما لأنه يعتقد أنها نذير شؤم عليه، وفي المحكمة وقف الزوج أمام القاضي يحكي ويشكو ويشرح أسباب ودوافع الطلاق حتى لم يدع شيئا لم يقله، بينما وقفت الزوجة الصامتة ولم تنطق بكلمة.

قال الزوج: تصور يا سيادة القاضي، أول يوم رأيتها فيه كانت في زيارة إلى بيت الجيران فأوقفت سيارتي عند الباب الخلفي وذهبت لأتلصص من بعيد لأستمتع برؤياها، وما هي إلا ثوان حتى سمعت صوت اصطدام عظيم فهرعت لأجد عربة جمع القمامة قد هشمت سيارتي، وفي اليوم الذي ذهب أهلي لخطبتها توفيت والدتي في الطريق وتحول المشوار من منزل العروس إلى المقبرة، وفي فترة الخطوبة كنت كل مرة أصطحبها إلى السوق يلتقطني الرادار، وإذا حدث وخففت السرعة تسلمت مخالفة مرورية بسبب وقوفي في مكان ممنوع، فهل هذا طبيعي يا سيادة القاضي؟! ويوم العرس شب حريق هائل في منزل الجيران، فامتدت النيران إلى منزلنا والتهمت جانبا كبيرا من المطبخ، وفي اليوم التالي جاء والدي لزيارتنا فكسرت ساقه، بعد أن تدحرج من فوق السلم ودخل المستشفى، وهناك قالوا لنا إنه مصاب بداء السكري، على الرغم من تمتعه بصحة جيدة، وأخذناه للعلاج إلى الخارج ولم يعد من يومها للبلاد إلى الآن. وكلما جاء أخي وزوجته لزيارتنا، دب خلاف مفاجئ بينهما، واشتعلت المشاجرات وأقسم عليها بالعودة إلى بيت أهلها.

وكانت كل عائلة تهمس لي بأن زوجتي هي سبب المصائب التي تهبط علينا، لكنني لم أكن أصدق، فهي زوجة رائعة وبها كل الصفات التي يتمناها كل شاب.. لكن يا سيادة القاضي بدأت ألاحظ أن حياتي المادية في تدهور مستمر وأن راتبي بالكاد يكفي مصاريف الشهر، وبالأمس فقط، فقدت وظيفتي، فقررت أن لا أبقي هذه الزوجة على ذمتي! فأمر القاضي أن يرد زوجته إلى عصمته وأقنعه بأن كل هذه الحوادث طبيعية لا دخل لها فيها، وأن تشاؤمه منها مبعثه اللمز المتواصل عنها. لكن قبل أن يغادر الرجل القاعة مع زوجته، تسلم القاضي رسالة بإنهاء خدماته، فعاد ونادى على الزوج وقال له: (أقول لك.. طلقها يا ابني.. طلقها).

أنا لا أدري كيف صبر عليها ذلك الزوج البليد كل ذلك الوقت، ولو أنني كنت في مكانه لكنت (يمين بالله) قد تركتها (للهاوي والذيب العاوي) من أول يوم تهشمت فيه سيارتي من عربة القمامة، عندما كنت أتلصص من بعيد لرؤيتها المشؤومة.

[email protected]