لما هاجم عبد الوهاب!

TT

قالوا أبرع عازف على العود في زماننا: السنباطي. فعندما تقدم السنباطي ليكون طالبا في معهد الموسيقى اختاروه مدرسا للعزف على العود.

وقالوا: فريد الأطرش. والذين يفهمون في العزف عندهم ملاحظات على عزف فريد الأطرش، فجعلوه سيد العازفين في هذا الزمان.

وقالوا: عبد الوهاب. ولما قيل لعبد الوهاب إن هناك من يراك أحسن عازف، تفلسف عبد الوهاب وقال: العازف الجيد كواحد خطه كويس. ولكن العبرة بماذا قال وماذا أبدع..

يعني لا يهمه أن يكون أحسن عازف وإنما يهمه أن يقال إنه صاحب أجمل كلام وأجمل لحن.

وفي العصور القديمة قالوا: الفيلسوف الكندي.. وقالوا: الفيلسوف الفارابي.. وقالوا: إسحق الموصلي.. وقالوا: زرياب..

أما الفيلسوف الفارابي فله أسطورة، وهي أنه لماذا سمي الفارابي. الحقيقة أن الفارابي هي (الفار أبي) أي أن الفأر هو الذي عمله فماذا حدث؟

يقال إن العود لم يكن مجوفا. ولكن فأرا جاء وأدخل أسنانه في العود حتى خلق تجويفا فيه. هذا التجويف هو الذي جعل له صوتا أجمل. ولذلك فلما سألوه قال الفارابي إنه الفأر. الفأر أبي.

وهذه التسمية من البدع القديمة مثل ترجمة شكسبير بالشيخ زبير. فترجموه أيضا بأنه (شيك بير) أي هز الرمح!

وقالوا إن إسحق الموصلي إذا عزف على العود جاءت إليه الطيور وقد هجرت أعشاشها. فإذا فرغ من العزف عادت الطيور إلى أعشاشها وبعض الحيوانات إلى أوكارها!

وقالوا: إن زرياب هو أبرع وأعظم، إنه كان يستطيع بالعزف أن يبكيك وأن يضحكك..

وكان أستاذنا عباس العقاد يهاجم عبد الوهاب ويقول: المسألة بسيطة جدا. فإذا عبد الوهاب غنى ببطء كان البطء هذا داعيا للشجن.. وإذا قال نفس الكلام بسرعة كان نشيدا وطنيا. أي أنه لا يشعر بأي معنى من المعاني وإنما هي مسألة ميكانيكية.

ولم يكن العقاد منصفا. أما السبب فهو شخصي. فلما قدم العقاد المطربة نادرة لعبد الوهاب وطلب إليه أن يلحن لها إحدى قصائده ووجد عبد الوهاب الشجاعة في أن يرفض المطربة والشعر معا. كان ذلك كافيا جدا لأن يسخر منه العقاد مدى الحياة.