مرحلة الفراغ للحزب الجمهوري

TT

بعد شهر من الآن، كان من المفترض أن يظهر المتنافسون على الفوز ببطاقة الترشح لانتخابات الرئاسة الأميركية عن الحزب الجمهوري في مكتبة ريغان بمنطقة «سيمي فالي» بولاية كاليفورنيا، للمرة الأولى تمهيدا لبدء مناظراتهم الأولية. ولكن قائمة المرشحين المعلنة تبدو محدودة جدا بشكل يدعو للرثاء لدرجة أن المناظرة تم تأجيلها خلال الأسبوع الماضي حتى سبتمبر (أيلول) المقبل، من أجل تجنب الارتباك في مرحلة قد يشغلها فقط تيم بولنتي وقطب البيتزا هيرمان كاين.

وسوف تكتمل هذه المرحلة بحلول فصل الخريف المقبل، حسبما ذكر منظمو المناظرات. وبينما قدم عدد قليل جدا من المتنافسين التزاما بجعل المناظرات ممارسة مجدية، أعلن المدير التنفيذي لمؤسسة «ريغان» أنه «سوف تكون هناك قائمة طويلة من المرشحين الجمهوريين الذين سوف ينزلون إلى الميدان في نهاية الأمر».

ولا شك في أن قائمة المرشحين سوف تطول. ولكن الجمهوريين يجب ألا يشعروا بثقة مفرطة في الجانب «المثير للإعجاب». وعندما يتعلق الأمر بتحدي باراك أوباما على الرئاسة، سوف يبدو الحزب الجمهوري مثل حزب ماريو كوموس. وتتنافس الأسماء الكبيرة والأضواء البراقة داخل الحزب بشكل أساسي على تقديم أعذار عن سبب عدم مشاركتهم في سباق الترشح الأولي لانتخابات الرئاسة الأميركية عام 2012. ويبدو كريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي، مقتنعا بقدرته على الوصول إلى سدة الحكم في البيت الأبيض. وكان كريستي قد صرح لمجلة «ناشيونال ريفيو» في بداية العام الحالي قائلا: «أعلم بالفعل أن بمقدوري الفوز». ولكنه كان متواضعا جدا بشكل واضح عندما دافع عن تفاخره هذا بقوله: «يجب أن أؤمن باستعدادي لأن أكون رئيسا، وأنا لست مستعدا لذلك».

وبالمثل، سوف يخبر مايك هوكابي أي فرد يستمع إلى ذلك بأنه سوف يكون المرشح المفضل في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري وبأنه الخيار الأقوى لمواجهة أوباما. ولكنه سوف يقول أيضا إن طريق الحملة الانتخابية مجهد، وإن المناظرات مضيعة للوقت، وإنه يبني مع زوجته، بيت أحلامهما في فلوريدا، لذا فإن البيت الأبيض لا يندرج بالضرورة ضمن خططهما.

وبعد ذلك، هناك ميتش دانيالز، حاكم ولاية إنديانا، الذي قدم إلى واشنطن خلال شهر فبراير (شباط) وقدم نوعا من الخطابات التي تبنى عليها الحملات الدعائية المحافظة.

ويشاطر بول رايان، النجم الصاعد بين صفوف الجمهوريين في مجلس النواب، دانيالز الرأي بأن الولايات المتحدة تواجه لحظة مفصلية في عام 2012، أو اختيارا تاريخيا، بحسب الوصف المفضل لديه، بين التقاليد الأميركية عن الحكومة محدودة الصلاحيات ودولة الرفاهة الاجتماعية على النمط الأوروبي. وقد استبعد رايان، بطبيعة الحال، الترشح لمنصب الرئاسة فعليا. ونفس الأمر ينطبق على أشخاص يتمتعون بشهرة أقل مثل السيناتور جون ثون من ولاية ساوث داكوتا. كما أنه ينطبق أيضا على السياسي الجمهوري الذي يمتلك الاسم الأشهر والسجل التنفيذي الأقوى، وهو جيب بوش، حاكم ولاية فلوريدا السابق.

ولا يعني أي من هذه الأمور أن الانتخابات التمهيدية لمرشحي الحزب الجمهوري لن تشهد إقبالا مع قدوم شهر يناير (كانون الثاني) القادم. ونحن نعلم بأن ميت رومني سوف يترشح؛ وفي الحقيقة، فإنه لم يتوقف عن الترشح من قبل بالفعل. كما أننا نعلم بأن نيوت غينغريتش سوف يترشح بالتأكيد. وبالطبع، هناك سارة بالين، التي يفترض أنها سوف تستمر في الاستحواذ على اهتمام وسائل الإعلام التي تحرص على التساؤل عما إذا كانت ستخوض سباق الترشح من عدمه على طول الطريق إلى ولاية أيوا.

ولكن إذا وصل رومني إلى المراحل النهائية من سباق الترشح، وإذا زادت حظوظ بولنتي، أحدث وجه في الحزب الجمهوري، فسوف يخذل الحزب الجمهوري ناخبيه ودولته.

وكل الانتخابات الرئاسية مهمة، ولكن دانيالز ورايان محقان في رؤية أن الحملة الدعائية في سباق الترشح للانتخابات الرئاسية تمثل لحظة مفصلية محتملة في السياسات المحلية الأميركية. وقد خلقت عدم شعبية أجندة الرئيس أوباما وعدم الاستدامة الواضحة لعادات الإنفاق في الولايات الديمقراطية وأزمة الاستحقاق الوشيكة فرصة ملحوظة للمحافظين لكي يعيدوا وضع تصور لدور الحكومة من أجل النظر لأبعد من «دولة الرفاهة» حسبما أكد يوفال ليفين في الطبعة الأخيرة لمجلة «الشؤون الدولية» ومحاولة تبين الخطوة التالية.

ولكن فرصة اليمين قد يتم خسارتها بسهولة. ويحب العامة التصويت لحكومة أصغر حجما، وبعدها النكوص عن الحقيقة. وبالفعل هناك رد فعل عنيف ضد الحكام المحافظين في ولايات مثل ويسكونسن وأوهايو ينظر إليها على أنها كبيرة وسريعة جدا.

ومنذ خمسة عشر عاما، وفي أعقاب الثورة الجمهورية عام 1994، كان المحافظون في وضعية مشابهة، حيث كانوا قد حققوا لتوهم انتصارا في انتخابات التجديد النصفي، ولكنهم كانوا مجهدين من الناحية السياسية، وكانوا يكافحون من أجل إقناع عامة الشعب الحذرين بتبني نمط الحكومة محدودة الصلاحيات تطبيقيا ونظريا. وانتهى بهم الأمر إلى اختيار بوب دول كحامل قياسي لرسالتهم. ولم تسترد قضيتهم عافيتها بسرعة.

* خدمة «نيويورك تايمز»