هل أنا من ضحايا المفاعل تشرنوبيل؟!

TT

تسلطت فكرة على نومي القليل ويقظتي الطويلة الجافة الخشنة. أما الفكرة فهي أنني قد أصبت بإشعاع كثير.. وإلا فما هذا الألم هنا والوجع هناك. والأرق والصداع والكوابيس في النوم القليل؟

أما السبب فهو أنني ذهبت إلى أوكرانيا. ورأيت الناس يعملون. وقد تحولت المصانع الحربية إلى مصانع مدنية. فمصانع الصواريخ أصبحت تنتج الجرارات وأدوات الزراعة والأنابيب وطلمبات رفع المياه. ثم إن الناس في صحة جيدة. وإن المرأة قد وهبها الله جمالا فريدا. انظر حولك. فهناك الجمال البديع للمرأة. والمصيبة أنها لا تشعر بذلك. فالحياة خشنة ولا تزال العروس تحب أن تقف أمام تمثال لينين هي والعريس لصورة تذكارية. فتماثيل لينين قد أسقطوها في كل مكان.. فلم تعد أوكرانيا ضمن الاتحاد السوفياتي.. إنها استقلت تماما.

فقد كانت تصنع الصواريخ الجبارة وتبعث بها إلى روسيا حيث يركبون لها عقولا - فهذه الصواريخ قوة بلا عقل - تماما كصواريخ عبد الناصر وكان اسمها القاهر والظافر. أطلقناها فأخذت أي اتجاه، فلم يكن لها عقل.

وذهبت إلى شمال مدينة كييف ورأيت الأرض والنباتات التي تغيرت أشكالها وألوانها.. مثلا شجرات البطيخ تثمر قرعا أو قطنا. وشجرة القمح لها شكل أشجار الأرز. وأشجار الأرز لها شكل أشجار القطن.

وما أصاب النبات قد أصاب الحيوان.. أما الذي أصاب الإنسان فتشوهات.. كأن تكون له رأس مربع أو تكون له عيون صغيرة كعيون الدجاج، وأن يتوارث الإنسان صفات الحيوان، أو أن الحيوانات قد اختلطت أحجامها الوراثية. فلم يعد أحد إذا زرع القمح يتوقع أن يظل قمحا.

لقد أدى انفجار المفاعلات في مدينة تشرنوبيل إلى إرباك الحياة في الإنسان والحيوان والنبات.. ليس في أوكرانيا وحدها وإنما في كل الدول المجاورة لها.

ولما كنت في أوكرانيا أكدوا لي أن هذه المنطقة الجميلة التي أسكنها بعيدة تماما عن الإشعاع النووي الخطير. ولكن قرأت أن هذه المنطقة قد أصابها الإشعاع.. لأن ولأن. ولم ألاحظ الخوف عند أحد من الذين يضعون لي الشاي والإفطار والغداء - فهم جميعا في عافية.

ولم أسترح وسكت على مضض!