مصر وقفز الحواجز

TT

في سباقات الخيول للقفز على الحواجز، يحاول الحصان أن يقفزها حاجزا بعد حاجز حتى يصل إلى أعلاها وأصعبها، وبحسه بقدراته؛ إما أن يقفز فيكسب، أو يحاول القفز وتكسر ساقه، أو يرفض القفز رغم تحفيز الفارس على ظهره. السؤال في لعبة قفز الحواجز المصرية: هل يعرف سائسو الثورة متى يتوقفون عن القفز؟ وهل على الفارس أن ينظر إلى سباقات الغد لا إلى سباق اليوم فقط؟

فقد قفز الخيالة في ميدان التحرير الكثير من الحواجز العالية وكسبوا، لكن يبدو أن اعتصام الجمعة الماضية كان مثل الخشبة العالية جدا التي كاد يكسر فيها الحصان.

معظم أنظمة العالم تحظر على العسكر الاعتصام والإضراب والتظاهر لأنهم يملكون سلطة هائلة، وثانيا لأن العسكري يقوم على الانضباط والطاعة، كما أن انخراطهم في أي حركة سياسية يهدد بشق المؤسسة العسكرية إلى جماعات، في حين يفترض أنهم حراس كل المجتمع لا بعضه.. هذا من الناحية النظرية. أما عمليا، فالمؤسسة العسكرية المصرية هي التي نفذت الثورة، ودون تعاون الجيش ربما ما نجحت الثورة كما نراها اليوم سلمية وشعبية.

في ميدان التحرير، الجمعة الماضية، علقت مشنقة، وأقيمت محاكمة وهمية للرئيس المخلوع وأفراد عائلته برعاية أحد القضاة الذي كان على خلاف مع النظام السابق حول مسألة استقلال القضاء، كما خطب في الميدان صفوت حجازي عضو ائتلاف شباب الثورة الذي طالب بإقالة المدعي العام ورؤساء البنوك. أما عصام شرف رئيس الوزراء، فقد طالب بإقالة مديري الجامعات. وقال مصطفى عبد الجليل منسق «جمعية التغيير» إنه سيقضي أيامه لحظة بلحظة وجمعة بجمعة يتأكد من أن كل مطالبه قد حققت، وهناك من خطب مطالبا بملاحقة رجال الأمن، وأحد خطباء الميدان حث على الرد على إسرائيل التي قصفت غزة، في حين كرر محمد البرادعي مطالبته بمجلس حكماء يشير على المجلس العسكري مع المطالبة بملاحقة رموز النظام الفاسد. وهناك من حذر من المندسين وقال أن ليس كل الثوار ثوارا. إذن القائمة طويلة، ولا يبدو من مشروع الثورة حتى الآن سوى برنامج الانتقام ولا شيء للمستقبل. والسؤال: كم من حاجز ستقفزه خيول الثورة؟ وإلى أي ارتفاع؟

كل هذه مؤشرات على المواجهات والمحاكمات والمزايدات بين الخطباء، في حين أن كل الثورات التي انشغلت بالانتقام لم تنجح أبدا، وانتهت بالثوار يأكل بعضهم بعضا، في حين أن الثورات التي سعت للتصالح والنظر إلى المستقبل هي التي نجت ونجحت، وقارنوا في النتائج بين ثورتين؛ الأولى ثورة الخميني في إيران، والأخرى ثورة مانديلا في جنوب أفريقيا.

[email protected]