رغم الكوارث واضطرابات المنطقة العربية.. توقعات متفائلة حيال سوق الأسهم

TT

توقع المستقبل عمل صعب، خصوصا عندما تجعل الأحداث غير المتوقعة كرة الكريستال الخاصة بك تبدو مثل كرة جليدية. ولكن مجموعة الخبراء الاستراتيجيين والاستشاريين الذين تم استطلاع آرائهم من تتجه للنمو خلال العام الحالي.

وهذا أمر ملحوظ تماما بالنظر إلى أن الربع الأول من العام الحالي جلب معه كوارث طبيعية ومشكلات خطيرة في إحدى المفاعلات النووية اليابانية وثورة واضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، وأن السياسيين في الولايات المتحدة يتشاحنون أيضا على طول الخطوط الحزبية، مع تأرجح توازن الميزانية، وهو أمر يبدو زهيدا عند المقارنة.

وقال مارك ستيرن، كبير مسؤولي الاستثمار في صندوق بيسمار، عن توقعه لمؤشر البورصة في نهاية العام الحالي: «إذا كنا قد جلسنا جميعا في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي وتوقعنا الاضطرابات التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وموجات المد البحري المدمرة في اليابان والزلزال المدمر الذي حدث في نيوزيلندا واستمرار انخفاض أسعار المساكن وتجاوز سعر برميل النفط لحاجز المائة دولار واستمرار تصارع صانعي السياسات مع بعضهم البعض، لكنا قد تعرضنا لإغراء للقول بأن وصول مؤشر ستاندرد & بورز لمعدل 1,400 نقطة بدا عدوانيا جدا. ولكن السوق تعلق هناك بشكل جيد بسبب الأرباح التجارية».

وكان ريتشارد ماديغان، كبير مسؤولي الاستثمار لسندات الوصول العالمية في بنك جي بي مورغان الخاص مبهورا على حد سواء بكيفية مقاومة البورصة لهذا الفيض من الصدمات. وقال: «كانت الصدمات التي تعرضنا لها مذهلة ومربكة، ونفس الوصف ينطبق على رد فعل السوق إزاء هذه الصدمات. وأنا لا أعتقد أن الأسواق كان يمكن أن تتصرف بهذه الطريقة على مدار الشهور الثلاثة الماضية، إذا كان قد تم استثمار أموال المستثمرين بشكل كامل».

وكان هذا هو الجانب المضيء بالنسبة للمحللين الذين قدموا دعوات متفائلة. وكان عدد كبير من الناس لا يزالون مترددين بشأن استثمار أموالهم على الرغم من التوقعات القائلة بأن البورصات سوف تسجل ارتفاعا بشكل مطرد خلال العام الحالي.

وبالعودة إلى شهر يناير، توقع ستيرن هذا القدر، وقال إن البورصات سوف ترتفع بشكل إضافي قبل أن يشتري معظم المستثمرين الأسهم مجددا.

وعلى النقيض من ذلك، لا يعتبر انتظار الأسهم شيئا سيئا بالنظر إلى أن التضخم المالي لا يزال منخفضا. وقال ريتشارد كوكسون، كبير مسؤولي الاستثمار في مصرف «سيتي برايفيت بنك»: «محليا، لا يمتلك الفرد مصدر العوامل التي تحدث التضخم؛ حيث إننا نمتلك سياسة نقدية واسعة تزحف على طول الخط. ونحن لدينا وضع تسجل فيه البطالة ونقص الوظائف معدلات عالية جدا، كما أن الموظفين لا يمتلكون القدرة للحصول على المزيد من المزايا من أصحاب العمل الذين يعملون لديهم».

لذا مع بدء الربع الثاني من العام الحالي، دعونا نر ما تنظر إليه مجموعتنا بالنسبة لبقية العام.

وكان الإجماع في المناقشة الكبرى عندما تحدثت مع هذه المجموعة خلال شهر يناير يكمن فيما إذا كان الوقت مناسبا لتحويل الأموال من سندات إلى أسهم. وباستثناء كوكسون، أجمع المشاركون في النقاش على أن الوقت كان مناسبا.

وهذه المعتقدات أكثر قوة الآن. وقال نيال غانون، مدير إدارة الثروة في مجموعة غانون بشركة مورغان ستانلي سميث بارني: «من المهم توضيح أن الأسهم لم تصل إلى هذا المستوى من الرخص مقابل السندات منذ عام 1980. ونحن نرى استراتيجية عالمية للأسهم تركز على من أين تأتي الأرباح».

وتحقيقا لهذه الغاية، يتعامل غانون من الأسهم اليابانية مثل الشركات الأميركية لأن الولايات المتحدة تستهلك قدرا كبيرا جدا من المنتجات اليابانية، بينما ينظر إلى مؤشر «نايكي» على أنه شركة غير أميركية لأن 25 في المائة فقط من الأرباح تأتي من المبيعات هنا.

ولم تحقق بعض المقترحات بشأن التغيرات التي طرأت على الأسهم نجاحا أيضا.

وقال بيل ستون، كبير الخبراء الاستراتيجيين بمجال الاستثمار في شركة «بي إن سي ويلث» إنه كان يفضل الأسهم التي تدفع عوائد في شهر يناير الماضي، ولكنه اعترف بأن هذه الأسهم حققت أداء أفضل خلال شهر فبراير (شباط) عندما فقدت سوق الأسهم بعض القيمة مقارنة بأدائها عندما كانت السوق قوية.

ولكنه ذكر إنه كان يعتقد بأن إعلان شركة «سيسكو سيستمز» عن تحقيق أول أرباحها على الإطلاق خلال شهر مارس (آذار) الماضي كان بمثابة إشارة على أن هذه الأسهم يمكن أن تعود بشكل شعبي. وقال: «لا يزال هذا الأمر يمثل لعبة رائعة فيما يتعلق بمكافأة الخطر. وأنا أعتقد أننا في مرحلة البداية المبكرة من عملية إعادة التخصيص للأسهم، وهذا يجعل الأمر جذابا».

وذكر ستيرن أنه يستمر في الاعتقاد بأن السندات القابلة للتحويل كانت مناسبة للأشخاص الذين يريدون في الحصول على المزيد من العائدات، ولكنهم كانوا لا يزالون مترددين بشأن وضع الكثير من الأموال في هذه الأسهم. وإذا ارتفع السهم بنسبة 25 في المائة، فسوف يرتفع السند القابل للتحويل بمعدل يتراوح ما بين 12 إلى 15 في المائة. وإذا انخفض السهم بنسبة 25 في المائة، يمكن أن ينكسر السند القابل للتحويل بقوة».

المفاجآت: بغض النظر عن الزلزال وموجة المد البحري العالي في اليابان والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، كانت هناك تغيرات أخرى غير متوقعة.

وعلى الجانب الإيجابي، انخفض معدل البطالة حتى وصل إلى 8.8 في المائة. وكان ماديغان قد توقع أن المعدل سوف يحوم حول نسبة 9 إلى 10 في المائة للمستقبل القريب. وقال ماديغان: «لقد ذهلت عندما علمت بأنني كنت مخطئا». ولكن قال إنه لم يفكر في أنه سوف يكون هناك نمو اقتصادي حقيقي إلى أن حصل الموظفون على مرتبات إضافية.

وبدا أن مظاهر القلق بشأن موجة من تخلفات دفع السندات البلدية كان مبالغا فيها، أو على الأقل مبكرة. وقال إن مجموعته كانت قد حققت نموذجا يحتذى به حيث تراوح معدل التخلف عن دفع السندات البلدية ما بين 2 إلى 3 في المائة خلال العام الماضي، ولكنه ينظر إلى هذا المعدل الآن على أنه مرتفع جدا. وذكر ماديغان أنه حتى إذا حدث معدل التخلف عن الدفع هذا، فإن هذا المعدل لن يترك تأثيرا ضخما على المحافظ المالية التي تمتلك سندات مالية عالية الدرجة.

وأشار إلى أن المعدل الذي استرد به المستثمرون أموالهم من تخلفات الوفاء بالالتزامات العامة للسندات كانت مرتفعة بشكل تاريخي. وبالإضافة إلى ذلك، قدر ماديغان أنه حتى مع القليل من التخلفات، سوف تحقق الشركات أداء أفضل إذا تركت أموالها نقدية.

وعلى الجانب السلبي، تعتبر أسعار النفط أعلى كثيرا مما كان يتخيله أي فرد بسبب الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط. وأكد كوكسون أن أسعار النفط المرتفعة سوف تؤثر بكل تأكيد على النمو، ولكنها لن تسبب التضخم.

وقال: «في الولايات المتحدة، تؤثر أسعار النفط المرتفعة بشكل إضافي عليك بنسبة 30 في المائة عندما تملأ خزان الغاز الخاص بك. وإذا لم تتمكن من الحصول على المزيد من الأموال لتعويض هذا، إنها مسألة نمو، وليست مسألة تضخم. وبحث الناس في الشروط العامة للتضخم، ولكنك لا يمكن أن تنظر إليها بهذه الطريقة».

وكان خطأ كوكسون الواضح يكمن في الدفاع عن شراء الأسهم اليابانية. وبالطبع، لا يمكن أن يكون كوكسون قد توقع هذه الأحداث في اليابان. ولكنه قال إنه حافظ على نفس القدر من التفاؤل بشأن اليابان على المدى الطويل. وقال: «نريد حتى المزيد من الوزن الإضافي».

وهناك لغز يتمثل في الارتفاع المستمر بسعر الذهب. وكان ستيرن قد توقع انخفاض قيمة الذهب، ولكن باستثناء الانخفاض لفترة محدودة، استمر سعر الذهب في الارتفاع. وقال كوكسون: «حتى المضاربون على أسعار الذهب سوف يعترفون بأنهم لا يمكنهم أن يخبروك باستخدام الورقة والقلم بأن سعر الذهب سوف يصل إلى 1,486 دولارا في يوم محدد. إنه شعور بأن سعر الذهب سوف يرتفع. ولكن كوكسون لا يزال يدافع عن تخفيض مخصصات الذهب».

مخاطر جديدة: لا تسير التقديرات المتعلقة ببقية عام 2011 بشكل واضح بكل تأكيد. وهناك ثلاثة مناطق تصيب الخبراء الاستراتيجيين بالقلق وهي استقرار المملكة العربية السعودية والتضخم الصيني وهوية السياسيين في الولايات المتحدة الأميركية.

وبعد انتهاء حكم الرئيس المصري حسني مبارك الذي استمر لمدة 30 عاما في مصر، هناك قلق يتعلق باستقرار النظام في المملكة العربية السعودية. وإذا سقطت هذه الحكومة، سوف ترتفع أسعار النفط بشكل كبير جدا، وهو ما قد يؤدي إلى حدوث ركود اقتصادي عالمي. وقال كوكسون: «لا يمكنك أن تضع تقييما للخطر عليه. ويفعل الناس ذلك، ولكنها ممارسة لا معنى لها».

ويبدو التضخم في الصين أكثر قابلية للتوقع. وأشار ستيرن إلى أن التنمية العقارية زادت بنسبة 35 في المائة على مدار العام الماضي مقارنة بالعام السابق، وهي إشارة على حدوث فقاعة. ولكنه ذكر أنه كان يعتقد بأنها كانت إشارة جيدة على أن صانعي السياسة الصينية رفعوا أسعار الفائدة خلال الأسبوع الحالي.

وقال ستيرن: «فيما يتعلق بمعركة الميزانية في واشنطن، فإننا لسنا مهتمين بفوز الجمهوريين أو الديمقراطيين. ونحن نريد بعض السياسات التي تقيد مستويات الدين. ونحن نعتقد أن البالغين يحتاجون إلى اتخاذ قرارات رشيدة».

ومن الصعب تحديد ما إذا كانت التوقعات الأخيرة للمجموعات سوف تحقق نجاحا بالإضافة إلى التقديرات الأولية. وسوف نفحص هذا خلال الربع التالي لكي نرى كيف فعلوا ذلك.

* خدمة «نيويورك تايمز»