آيسلندا ومعضلة تعويض خسائر الأزمة المالية

TT

تتخذ الحكومتان البريطانية والهولندية خطوات في اتجاه مقاضاة آيسلندا في محاولة لاستعادة مليارات اليوروات التي قاما بدفعها لمودعين في بلديهما بعد انهيار مصارف آيسلندا عام 2008. وأثيرت الدعوى القضائية، التي من الممكن أن تستغرق أكثر من عام أمام محكمة دولية، خلال نهاية الأسبوع بعد التصويت في آيسلندا برفض اتفاق لسداد هذه الأموال لبريطانيا وهولندا خلال 30 عاما تبدأ في 2016.

ولم يكن ذلك سوى حلقة في سلسلة من جدل حاد بدأ عام 2008 مع تعثر مصارف آيسلندا. ومع تقدير الأصول بثمانية أمثال إجمالي الناتج المحلي للدولة، لم تستطع المصارف أن تعول على إنقاذ الحكومة لها ماليا مثلما فعلت حكومات بعض الدول الأوروبية مثل آيرلندا وبريطانيا مع المصارف بها.

ونتيجة لذلك قامت الحكومتان البريطانية والهولندية بتعويض 400 ألف مودع في الدولتين استجابوا إلى إغراء معدلات الفائدة المرتفعة في مصارف آيسلندا. وتسعى حكومة الدولتين حاليا إلى استعادة تلك الأموال التي قاربت 4 مليارات يورو، أي ما يعادل 5,8 مليار دولار. وأقر البرلمان الهولندي الاتفاق الذي طرح للاستفتاء العام في آيسلندا في فبراير (شباط). وتضمن ذلك الاتفاق شروطا أفضل لآيسلندا مقارنة بالاتفاق السابق وقد تم تعديله أملا في الحصول على دعم الناخبين. وقد دفعت حكومة يوهانا سيغوردوتيير بقوة في اتجاه إقرار الاتفاق، مشيرا إلى أن آيسلندا، في ظل برنامج الإنقاذ المالي الذي يدعمه صندوق النقد الدولي، في حاجة إلى تسوية هذه المسألة إذا كانت تريد العودة إلى أسواق المال والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. لكن بعد فترة ركود حادة ومع التوجه المعادي للمصرفيين، لم يتغير موقف الناخبين في آيسلندا، فقد صوت ما يقرب من 59 في المائة من الناخبين بالرفض بعد فرز 90 في المائة من صناديق الاقتراع التي تم فرزها.

كذلك لا يزال هناك بعض من المشاعر القوية المعادية للبريطانيين تعود إلى عام 2008 عندما استخدمت بريطانيا قوانين مكافحة الإرهاب لتجميد أصول إحدى المؤسسات المالية المتعثرة، وهي مصرف «لاندسبانكي».

كان الدافع الذي يحرك التصويت في هذا الاتجاه هو الاعتقاد بأن حجم الالتزام ضخم بالنسبة إلى اقتصاد الدولة الضعيف أيا كان مدى جودة الشروط.

وقد وصف داني ألكسندر، المسؤول في وزارة الخزانة البريطانية، في برنامج تلفزيوني خلال نهاية الأسبوع، نتيجة الاستفتاء بأنها «مخيبة للآمال». وقال إن بريطانيا ملزمة بالقيام بكل ما في وسعها لاسترداد هذه الأموال، خاصة في ظل عجز الموازنة الذي تواجهه والذي يقترب من 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وستنظر الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة ومقرها بروكسل في الدعوى القضائية.

وقال مسؤولون في حكومة آيسلندا إنهم يتوقعون أن تستغرق القضية أكثر من عام، لكنهم أضافوا أن احتياطي المصرف المركزي يستطيع أن يغطي التزامات الدولة المالية على المدى القصير.

وصرح صندوق النقد الدولي قبل ذلك بأن حسم النزاع حول دعاوى المودعين ليست من شروط استمرار البرنامج الخاص بآيسلندا ما دام لم يتخل الدائنون الآخرون عن الدولة.

وأكدت الحكومة في بيان أصدرته نهاية الأسبوع التزامها ببرنامج صندوق النقد الدولي، لكنها أشارت إلى تأجيل المراجعة القادمة للبرنامج التي كان من المقرر إجراؤها في 27 أبريل (نيسان) لبضعة أسابيع دون توضيح الأسباب وراء ذلك.

* خدمة «نيويورك تايمز»