أما الفوضى فقد حدثت.. وعلينا الإبداع!

TT

من عشر سنوات أطلق الأميركان تعبيرا غريبا، ولم نكن نعرف أنه نبوءة أو أنه من صنعهم. فقد قالوا: الفوضى الخلاقة. أي الفوضى الإبداعية.

أما الفوضى فهي ما ترى اليوم في الشرق الأوسط.. في تونس ومصر وليبيا وسورية وفلسطين. أما الإبداع الذي سوف يخرج من هذه الفوضى، فلم يحدث بعد.. بل إن الفوضى قد استغرقتنا حتى أغرقتنا. ولم نعد نعرف رأسا من ذنب.. فنحن نحاكم حكامنا بتهمة مخلة بالشرف. ويا للعار حكامنا لصوص. لأنهم لم يتصوروا أن هناك يوما قريبا وسيفا مسلولا وحسابا أليما وفضيحة عالمية.

وأقوى الناس نظرا وأعمقهم بصيرة لا يستطيع أن يقول لنا ماذا سيحدث بعد اليوم أو بعد العام أو الخمسة أعوام. فالحسابات لم تنته بعد. وقد شغلتنا هذه الفضائح عن العمل وعن تعويض ما ضاع من الوقت والجهد. وما فقدناه من ساعات الإنتاج. أما ما الذي سنقوله لصغارنا في حصص التاريخ، فالأمر مؤجل حتى نفيق نحن من أهوال هذه الكارثة. ولا بد أن نفيق وإلا أضعنا الفرصة العظمى من أجل فكر جديد: من أجل إصلاح وتطهير المجتمع. ولا بد أن نرفع رؤوسنا من تحت الماء، وأن نخوض وأن نسبح إلى بر الأمان. فقد جربنا حكم الطاغية سنوات طويلة وضقنا به. ولم نذهب إلى أبعد من ذلك. حتى ظهر شباب ثوار كانوا أشجع وأقوى وأبعد نظرا.. ولكن مشكلة هذا الشباب أنهم أقلية، وأن الأغلبية هي التي عايشت النظام القديم. ولذلك يحتاج الشباب إلى وقت. والوقت قد يطول عاما أو خمسة أعوام. ولكن هذه الأعوام في حياة الأمم لحظات.

وإذا كانت السحب السوداء هي التي تعصف بها الأنواء.. فالإبداع هو البرق والرعد والمطر بعد ذلك.. وإذا كانت الفوضى هي السحاب الأسود فقوس قزح بألوانه الزاهية هو الإبداع.

فكما أن له ألوانا، فكذلك الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. فإذا كان من أهم واجبات الثورة إسقاط الطغاة، فذلك لأن شجرة الحرية لا ترتوي بماء الورد وإنما بدم الطغاة.

وسوف نرى غدا. وغدا قريب!