سين وجيم

TT

يروي زميل لنا أنه كان في بداية عمله الصحافي عندما طلبت منه جريدته أن يرافق سيدة مستجدة على الصحافة لإجراء مقابلة مع الملك حسين. وكانت السيدة على وفرة من الجمال ورفعة في الحس وقلة فاضحة من التواضع. وكما يحدث في البرامج التلفزيونية اليوم، حيث السؤال أطول من الجواب والمقاطعة أطول من الإصغاء، فقد قررت السيدة أن تبهر الملك حسين بسعة اطلاعها، وهو اطلاع لا يتعدى قراءة عناوين الصحف والمثابرة على متابعة المجلات الفنية وأخبار سعاد حسني ونادية لطفي في تلك الأيام.

بعدما استمع الملك حسين إلى السؤال الأول، أدرك أن المصيبة قد وقعت وأن العدو من أمامكم والبحر من ورائكم. لكن بدل أن يقرر الهجوم، قرر الاستسلام الكلي لمعرفة السيدة بشؤون العالم، وكيف يجب أن تدار السياسة الأردنية، ولماذا على عبد الناصر أن يفك ارتباطه بالاتحاد السوفياتي. وكان الزميل الناشئ يسجل الحوار، كما هو مطلوب منه، ويحتفظ بالتسجيل للاتعاظ والتفكهة معا.

دار الجزء الأكبر من المقابلة على النحو التالي:

السيدة: جلالة الملك، بيسلم عليك ابن عمي حسني بك، وابن خالتي مروان بك. ومروان بك كان معكم في كلية فيكتوريا، وكان أشطر منك في الحساب.. عدم المؤاخذة. صحيح سيدنا كنتو تحبو الرز المفلفل؟ يطول عمركم سيدنا. أحب أن أسألك عن رأيك في القضية الفلسطينية. أنا شخصيا أعتقد إنو من دون وحدة عربية ما في قضية فلسطينية ولا تعتير. لذلك أتمنى عليكم أن تأخذوا المبادرة في هذا الشأن. قوموا بجولة عربية شاملة، حتى الخرطوم. اعرضوا الفكرة بكل جدية، ولا تعد خالي الوفاض. ما رأيكم في ذلك؟

الملك حسين: صحيح.

السيدة: الخلافات العربية عاملة علينا شماتة في كل العالم. أنا سمعت شو عما يحكو عنا بفرنسا. إيه يضربوا هني والإنجليز. لماذا لا تقومون بجولة في أوروبا وأميركا وتعرضون وجهة نظرنا عليهم؟

الملك حسين: طبعا. طبعا.

السيدة: تذكرت ابن عمي مروان بك؟

الملك حسين: طبعا. طبعا.

السيدة: أنا لا أفهم كل هذه الخلافات العربية. ساعة مصر، ساعة الأردن، ساعة المغرب.. على شو قايمين قاعدين؟ ليش ما بيتفاهمو مع بعضن؟ ما شي بيزعل. أنا أعتقد أنه يجب وضع خطة مصالحات. اللي بيريد واللي ما بيريد. العاجبو واللي مش عاجبو. إنت من رأيي جلالة الملك؟

الملك حسين: هل عرضت المسألة على ابن عمكم مروان بك قبل المجيء إلى هنا؟