تجربة مع أساتذتنا الثلاثة!

TT

أنا لا أستعير كتبا من أحد، ولا أعير كتبي لأحد، وعندي تجارب لأصدقاء أعرتهم كتبي فعادت بعد إلحاح مني، في صفحاتها بقع شاي أو طعام.. وفيها خطوط تحت الكلمات!

وعند أصدقائي حكايات عجيبة.. فقد عادت إليهم الكتب ممزقة، أو اعتذر الذين استعاروها بأنها فقدت.. أو أن أطفالهم قد لعبوا بها فمزقوها، إنهم أطفال، أي المطلوب من صاحب الكتاب أن يقبل هذا العذر!

وتساءلنا هل أساتذتنا يعيروننا لو أننا طلبنا منهم بعض الكتب، ونحن معتمدون على حبنا لهم وحبهم لنا، وقد بدأت أنا بسؤال الأستاذ العقاد أن يعيرنا كتابا وصل إليه أخيرا من مؤلفات الفيلسوف الوجودي الدنماركي كيركجور. وفي ندوة يوم الجمعة اقتربت من الأستاذ وهمست في أذنه، فظهرت الدهشة والكآبة ولم يقل شيئا، وكان المعنى أنه لا يوافق، ومضى في حديثه كأن شيئا لم يكن!

وذهبت إلى توفيق الحكيم فطلبت النص الفرنسي لمسرحيات موليير فهز رأسه ضاحكا: بعد أربعين سنة جئت تطلب مثل هذه التحف الأدبية! وسكت.. والمعنى أنه لا يوافق..

فلم يبق أمامنا إلا طه حسين، وذهبنا إليه مبكرا حتى نكون أسبق من كل ضيوفه ومريديه، ولكن وجدنا عددا كبيرا من تلامذته من أساتذتنا، وبعد أن حيانا طه حسين احتفى بنا واحدا واحدا، ولم نجد الشجاعة في أن نقول شيئا، ولكن زاد إصرارنا على أن نعرف ما عساه أن يكون رد طه حسين.. واقتربت منه وقلت: يا أستاذ، إننا نريد استعارة كتاب الجاحظ، فكانت ابتسامته التقليدية التي تظهر على وجهه وحنى رأسه وأمسك يدا بيد ثم رفع رأسه قائلا:

قال الشاعر القديم:

ألا يا مستعير الكتب دعني

فإن إعارتي للكتب عار

فمحبوبي من الدنيا كتابي

فهل أبصرت محبوبا يعار؟!

هاها..هاها. ولم يقل شيئا!