البحرين.. لا للانتقام!

TT

لا شك لدي في طائفية المعارضة الشيعية البحرينية في المظاهرات الأخيرة التي شهدتها المملكة، ولا شك لدي في أن عملية تزوير إعلامية كبيرة قد تمت هناك من قبل محسوبين على المعارضة لم تنل من سمعة البحرين وحدها، بل ومن جميع دول الخليج العربي، لكن كل ذلك لا يبرر الانتقام.

المطلوب اليوم في البحرين هو معالجة أسباب الأزمة الحقيقية هناك، وتعميق مفهوم المواطنة، وضرورة وضع قوانين إعلامية واضحة، على غرار ما هو موجود في الغرب، وتحديدا بريطانيا وأميركا. ففي تلك القوانين يمنع المساس بالنعرات، وبث التفرقة، والإساءة الشخصية للأفراد دون وجه حق منعا باتا، فلا مجال لبث التفرقة.. نعم تصان الحريات، ولكن ليس على حساب السلم الأهلي. ورغم كل مساحات الحرية المحفوظة، فالحرية مسؤولية أولا، كما أن حريتك تنتهي عندما تتعدى على حرية الآخرين، خصوصا أن للحرية مفهوما مشوشا في العالم العربي، فالحرية لدينا أقرب إلى الفوضى، والإثارة، وحتى التزوير، وخصوصا الإعلام المؤدلج، وكذلك المحسوب على إيران في منطقتنا، من الإعلام التقليدي إلى الإعلام الجديد.

الأمر الآخر والمهم أنه من الواجب أن يكون هناك نظام صارم في البحرين يجرم تلقي الأموال الخارجية، من أي جهة كانت، سواء الأفراد، أو الأحزاب السياسية، وتحت أي مبرر. فالحكومة البحرينية تعلم تماما أن الأموال الإيرانية كانت تتدفق على المملكة بشكل كبير فترة الحملات الانتخابية، وتحت ذرائع مختلفة، وتجاوزت عنها السلطات البحرينية لأنها لم ترد تصعيدا مع طهران، كما يبدو أن البحرينيين كانوا يعتقدون أن لدى المعارضة الشيعية أدنى درجات العقلانية، والحصافة، للحفاظ على البلاد، لكن الأحداث الأخيرة كانت محبطة، وخصوصا من ناحية انحسار صوت العقل داخل المعارضة البحرينية، لكن أيضا، ومرة أخرى، فإن ذلك لا يبرر القرارات الانتقامية، أو العاطفية.

في دول الخليج يجب أن نكون واضحين تماما بأن خلافنا هو مع نظام الولي الفقيه وليس مع الشيعة، وتحديدا أبناء منطقتنا، لكن وكما أسلفنا فلا بد من قوانين حقيقية واضحة للإعلام، تراعي القوانين المعمول بها في الغرب، وتشترط المهنية الإعلامية، ولا تغفل الأعراف، كما هو الحال في الغرب، وكذلك ضرورة التشدد والحزم تجاه التمويل الخارجي، والتبعية للخارج أيضا، وهذا حق لكل دولة.

ولذا، فإن المؤمل اليوم هو تضميد الجراح في البحرين، وإعادة مسيرة بناء الدولة تحت قيادة الملك حمد، صاحب الإصلاح قبل أن يكون الإصلاح مطلبا عربيا من المحيط إلى الخليج. وهذا هو العشم.

[email protected]