ذهبنا لنرى ونكتب عن حرب لا ضرورة لها!

TT

ذهبنا وفد من الأدباء إلى اليمن: يوسف السباعي ونجيب محفوظ والشاعر محمود حسن إسماعيل والشاعر صالح جودت وأنا. وكان الهدف من الزيارة أن نرى ونقابل ونحمي قواتنا المسلحة في معركة دموية. فهي قوات منظمة تحارب عصابات تحتمي في الكهوف ويطلقون النار فيصيبون المصريين في الدماغ. فقد تدربوا تدريبا جيدا. وقد رأيت الأطفال يصيبون الأهداف وهم معصوبو الأعين. ولم تفلح أي قوة أجنبية أن تسيطر على اليمن الذي اختار حرب العصابات.

والحقيقة أننا لا نعرف لماذا ذهبنا إلى اليمن ولم ننشر حتى الآن خسارتنا في هذه الحرب من الرجال والمال.

وذهبوا بنا إلى قصر الإمام أحمد. واتجهت إلى المكتبة وانتقيت منها بعض الكتب النادرة. وعثرت على نسخة من «رباعيات الخيام» مطبوعة على جلد الغزال وكان الإمام أحمد يهديها إلى الملوك والرؤساء والوزراء. وكانت هذه النسخة تحمل رقم 9 وقلبت في أدراج مكتب الإمام فوجدت لفائف صغيرة وكثيرة يسمونها: التنافيذ أي الواجبة التنفيذ. وسميت التنافيذ لأنها تبدأ بكلمة: ينفذ فلان الفلاني إلى المواطن فلان ويأخذ منه حق الإمام.. أي الضرائب المستحقة عليه للإمام. وقد يبقى هذا الجندي في بيت المواطن يوما أو أسبوعا حتى يحصل منه على حق الإمام.

ووجدت تمثالا صغيرا أبيض اللون لبلقيس ملكة سبأ. وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم. ولكن كلمة بلقيس ليست اسمها وإنما هي صفة لها. فالكلمة من أصل يوناني: بلاكسيس أي المرأة الشهوانية الجميلة.

ثم وجدت خطابا غراميا من غير توقيع، هل هو من الإمام إلى إحداهن.. أو الخطاب من إحداهن إلى الإمام.. ووجدت خطابا بالإنجليزية إلى الإمام. وقد تكررت فيه كلمة الحب. والخطاب من غير توقيع أيضا. هل من الإمام لها أو هو منها له. وهل كان للإمام قلب رقيق. لا أظن، فالرجل عنيف ودموي.

ووجدت خطابا جريئا يتهم الإمام وابنه الأمير البدر ويهاجم الإسلام أيضا. وعلى هذه الورقة تعليق باللغة العربية.. ولم أفلح في أن أعرف ماذا يعني التوقيع فهو بحروف ملخبطة وغاضبة.

ونجيب محفوظ وجد لوحة من الرخام عليها كلمات غير عربية. ويوسف السباعي وجد كرة من الرخام الأبيض وعليها حروف ليست عربية. وصالح جودت وجد تمثالا عاريا لسيدة جميلة وقد احتفظ به الإمام في مكتبه مع عبارة خاصة.

وإذا أراد أحد أن يسترد هذه الخبايا فمن حقه. ولكن هناك مشكلة صغيرة هي أنه لن يساعدني أحد في البحث عنها في مكتبتي التي بها سبعون ألف كتاب!