تساؤلات حول مباحثات الاستخبارات الأميركية ـ الباكستانية

TT

إحدى وسائل القرن الواحد والعشرين هي فتح باب تفاوض رفيع المستوى حول قواعد جديدة لعلاقات الاستخبارات الباكستانية والأميركية. في الوقت الذي كان فيه رئيس الاستخبارات الباكستانية الجنرال أحمد شوجا باشا في اجتماع مع مدير الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ليون بانيتا في لانغلي يوم الاثنين، نشر موقع صحيفة «نيويورك تايمز» موضوعا مفصلا عن التخفيضات التي تسعى باكستان إليها في عدد أفراد الاستخبارات الأميركية وعملياتهم في باكستان، نقلا عن «مسؤول باكستاني على صلة وثيقة باتخاذ القرار».

أكد مسؤول أميركي على عقد الاجتماع. وأضاف جانبا إيجابيا في حديثه عن المفاوضات، حيث قال: «أجرى بانيتا والجنرال باشا محادثات عكست حس الشراكة والرغبة في التقدم إلى الأمام. لم يكن هذا الاجتماع الأخير، كما أشارت بعض التقارير الصحافية، بل تناقش القائدان في قضايا ذات اهتمام مشترك وجميعها من الممكن دراستها».

ذكر الخبر الذي نشر في «التايمز» أنه طُلب من نحو 335 ضابطا في الاستخبارات الأميركية، ومتعاقدين مع الوكالة وأفراد من القوات الخاصة مغادرة البلاد. لم يكن من الممكن التحقق من صحة الرقم في واشنطن. (تحديث، في 12 أبريل/ نيسان الساعة العاشرة صباحا: يبدو أن هذا الرقم لم يذكر في اجتماع بانيتا وباشا، وصرح مصدر في باكستان يوم الثلاثاء بأنه لا يستطيع تأكيده كذلك). ولكن الفكرة الأساسية لا تتعلق بتفاصيل العدد، حيث يريد الجيش الباكستاني أن توقف «سي آي إيه» العمليات «أحادية الجانب» داخل أراضيها - والمقصود منها غارات طائرات التجسس بالإضافة إلى العمليات البرية السرية - التي لم تحصل على تصريح مسبق محدد.

يعكس الطلب الباكستاني وجود توترات بين البلدين وصلت إلى درجة من التصعيد عندما ألقي القبض على عميل «سي آي إيه» المتعاقد رايموند ديفيس في يناير (كانون الثاني) بعد أن أطلق النار على باكستانيين. وتم حل المشكلة عندما وافقت الولايات المتحدة على دفع ما يزيد على مليوني دولار «دية» كتعويض لأسرتي الضحيتين. ولكن كما كتبت في ذلك الوقت، كان المطلب الباكستاني الأكبر هو تغيير قواعد اللعبة، فتصبح باكستان مثل الحلفاء المقربين الآخرين، مثل فرنسا أو إسرائيل أو الأردن، حيث لا تجري الولايات المتحدة في العموم عمليات أحادية الجانب على أراضي الدولة المضيفة.

قال مصدر في الاستخبارات الباكستانية في رسالة إلكترونية يوم الثلاثاء: «نعم طلبنا من (سي آي إيه) أن تتحلى بالشفافية وتطلعنا على عمليات مثل تلك التي قام بها رايموند ديفيس، التي نعتقد أن هناك مثله ما بين 40 إلى 60 عميلا في البلاد». وأضاف: «لا يمكن أن يؤكد أحد عدد من غادروا أو في طريقهم للمغادرة إلا السفارة».

واسترشادا بالماضي، تصبح نبرة المناقشات السرية بين باشا وبانيتا أقل عداء مما تشير إليه تسريبات الصحافة الباكستانية إلى مراسلة «التايمز» في إسلام آباد، جين بيرليز. أحيانا ما يصل مسؤولو الاستخبارات الباكستانية إلى قرارات أكثر تعاونا في السر مما تشير إليه التقارير الصحافية الحادة. ويأتي كل ذلك في جزء من عملية إعطاء الإشارات والمباحثات، ولكنه لا يعني أن القضايا من الممكن أن يتم تجنبها.

ذكر مسؤول الاستخبارات الباكستانية يوم الثلاثاء أنه «يبدو أننا نسير في الاتجاه الصحيح؛ حيث إن الحاجة إلى العمل معا أكبر بكثير من حوادث مثل رايموند ديفيس، ولكني أعتقد أن الولايات المتحدة تحتاج إلى أن تبذل مزيدا من الجهد في نمو العلاقة على أساس الثقة والاحترام والمساواة».

على مدار العامين الماضيين، كنت أحاور مسؤولي الاستخبارات الباكستانية، وكانوا يقولون فكرة أساسية في كل حوار، وهي أن باكستان تريد مزيدا من الاحترام والانفتاح من جانب الولايات المتحدة كجزء من تعاونهما في حربهما المشتركة ضد المتطرفين الإسلاميين. وكان من الخطأ تجاهل هذه المسألة في الماضي، وقد يكون من الأسوأ تجاهلها الآن.

دائما ما كان هناك اختلاف بين ما تنشره الاستخبارات الباكستانية في تسريباتها للأخبار وما تفعله سرا، ولكن بدأت هذه الفجوة في التقارب. ربما يكون هذا جيدا لكلا الطرفين. من الأفضل لكلا البلدين أن يقل الرياء في العلاقات بينهما.

* خدمة «واشنطن بوست»