إخوان مصر.. انتهى شهر العسل؟

TT

يبدو أن شهر عسل ثورة 25 يناير بين الإخوان المسلمين وباقي القوى السياسية في مصر قد انتهى، أو أوشك على الانتهاء، خصوصا بعد حديث أحد أعضاء الجماعة عن أسلمة مصر، وتطبيق الحدود الشرعية فيها، وبالتالي التنصل عن فكرة الدولة المدنية.

ردود فعل القوى السياسية المصرية، وبالطبع شباب الثورة، كانت عارمة، وحتى ردود فعل الكنيسة، بينما كان رد فعل الإخوان يرتكز على عنصرين أساسيين، لا يوحيان بالتطمين، في كلا الأحوال، فبعض من قيادات الإخوان سارعوا للقول بأن الحديث عن الحدود أمر غير قابل للتطبيق الآن، ويحتاج إلى كثير من العوامل، وكان الواجب عدم الخوض في هذه المسألة الآن، بينما سارع آخرون في الجماعة إلى إصدار بيان نفوا فيه ما ورد في صحيفة «المصري اليوم»، واتهموا الصحيفة بالتحريف، إلا أن المفاجأة غير السارة للإخوان بالطبع كانت إعلان الصحيفة عن امتلاكها لتسجيل كامل لحديث القائد الإخواني، ووعدت ببثه على موقعها.

ومن هنا يتضح أن المعركة في مصر ستتخذ أبعادا أخرى، خصوصا أن مصر اليوم في مفترق طرق حقيقية، فإما بناء الدولة المدنية والانطلاق إلى مستقبل أفضل، أو أنها ستدخل دوامة الصراع مع الجماعات الدينية، خصوصا أن المشهد السياسي المصري اليوم قد بات لافتا فيه حجم الظهور السلفي، والغزل بين السلفيين والإخوان. وبالطبع إحدى أهم الملاحظات التي يخرج بها المراقب للمشهد المصري أنه بات غير مقبول اليوم القول بعدم وجود «فزاعة الإخوان» في مصر، فهي حقيقية، وموجودة بشكل صارخ، ويكفي التذكير بأن الجماعة باتت تتحدث بغرور واضح عن أنه بمقدورها حصد 75 في المائة من مقاعد البرلمان في الانتخابات القادمة، إلا أن الجماعة تقول إنها لا تريد الحصول على أكثر من الثلث في البرلمان، وبالطبع فهذا يعني الثلث المعطل على غرار حزب الله في لبنان.

صحيح أن صناديق الاقتراع هي الحكم في مصر، ولا بد من القبول بنتائجها، أيا كانت، لكن ما صدر ويصدر عن الإخوان، وكذلك عن السلفيين، يقول إنه على الأطراف السياسية الأخرى في مصر، وخصوصا الشباب، أن يفيقوا من أوهامهم، ويتعاطوا مع الواقع، على الأرض، فالسياسة هي لعبة الواقعيين، وليس الواهمين، أو العائشين في العالم الافتراضي، وأكبر دليل على ذلك كان الاستفتاء على الدستور، حيث خسر الشباب، والقوى الأخرى المؤثرة في ثورة مصر، تلك الجولة أمام الإخوان والسلفيين. وبالتالي فإن انتهاء شهر العسل بين الإخوان وباقي القوى لا يعني الدخول في معارك سياسية مع الجماعة، بل يعني أن على الآخرين النزول إلى أرض الواقع لحماية الدولة المدنية في مصر قبل أن يبتلعها الإخوان، وتنتقل مصر من ديكتاتورية الفرد إلى الديكتاتورية الأصولية، وهذه كارثة بكل المقاييس ليس على مصر وحسب، بل وكل المنطقة.

[email protected]