التفوا حول مصر لا عليها

TT

هناك جدل متصاعد هذه الأيام حول منصب أمين عام الجامعة العربية، وذلك بعد إعلان السيد عمرو موسى تخليه عن المنصب وترشحه لانتخابات الرئاسة المصرية المقبلة، فهل يجب أن يبقى منصب الأمين العام لمصر، أم لا؟

أعتقد أنه لا بد من الذهاب في الإجابة إلى أبعد من نعم، ولا، فالظروف التي تمر بها المنطقة لا توجب فقط بقاء منصب الأمين العام لمصر وحسب، بل وضرورة أن يكون مقر الجامعة في القاهرة هو المقر الرسمي للقمم العربية المقبلة، فلا العراق مؤهل لاحتضان القمة، ولا العلاقات العربية - العربية بشكلها السليم، بل إن الجسد العربي منهك اليوم، وكثير من الدول العربية تعيش في العناية المركزة، وبالتالي فلا داعي لأن تتحول القمم العربية إلى قمم استعراض في كل دولة حسب أجندتها، وظروفها، وبالتالي تتحول القمم إلى محاضرات ومعارك، ولذا فلا بد من حصر القمم الآن في المقر الرئيسي في القاهرة لتكون القمم عملية، وسريعة، وبعيدة عن الشكليات، واستقبالات المطار وغيرها من الدعاية غير المفيدة.

أما بالنسبة لمنصب الأمين العام الذي سيخلف السيد عمرو موسى، فلو كان مرشحا سعوديا لما تحمست له، فالمطلوب اليوم أن تكون مصر معنا قلباً وقالباً، ويجب أن تعود إلى مركز ثقلها الحقيقي، وليس الدعائي؛ فلمصر دور لا ينكر، سلباً وإيجاباً على المنطقة العربية، ولو كانت مصر في ظرف غير الظرف الذي تمر به اليوم لربما كان مقبولا بحث أمر أمين عام الجامعة العربية من خارج مصر، لكن اليوم لا ينبغي فعل ذلك، بل وليس من الحكمة، فمصر لم تتوفَّ لنسعى لوراثتها، بل علينا أن نقف مع مصر في هذا الظرف التاريخي لأن غياب القاهرة عن المشهد العربي ولو لحين سيكون له تبعات.

منصب أمين عام الجامعة العربية، وفي هذا التوقيت الذي تشهد فيه منطقتنا زلزالا سياسيا يعصف بكثير من الدول، يتطلب أمينا عامّا قادرا على التواصل مع الجميع دون أي حساسيات، أو مواقف سياسية تكون لها تبعات، فما يحدث اليوم يجعل دور الجامعة أكثر حساسية، مما يتطلب شخصية عربية لا تثير حساسيات، وهذا ما يتوفر للمرشح المصري، لأن هناك إجماعا عربيا على دور مصر، ومكانتها، وصورتها اليوم. والقضية ليست قضية أشخاص، فللجميع التقدير والاحترام، لكن الدول أهم من الأفراد، والمرحلة تتطلب التفافا حول مصر، وليس عليها، ويجب ألا ننشغل بقضية أن المرشح المصري السيد مصطفى الفقي كان من النظام السابق أو لا، فهذه مماحكات صحافية لا قيمة لها، فالرجل دفع ضريبة اختلافه مع النظام، وذاك أمر معروف.

وعليه، فمن المصلحة أن يكون مقر الجامعة العربية في مصر هو المقر الدائم للقمم العربية، وذاك أجدى من تأجيلها بسبب أوضاع بعض الدول، أو نقلها إلى دول أخرى، فتكون على غرار الأمم المتحدة في نيويورك، والأمر الآخر هو ضرورة أن يكون أمين الجامعة العربية مصري الجنسية، والدكتور مصطفى الفقي خير من يناسب هذه المرحلة.

[email protected]