هل تهز نساء تركيا عرش الرجال في البرلمان الجديد؟

TT

نساء تركيا اللواتي احتشدن قبل أيام فقط أمام مجلس النواب التركي يلوحن بيافطات التنديد بارتفاع أرقام ونسب التحرش والاعتداء واستخدام العنف ضدهن في السنوات الأخيرة يعتبرن أن الحل الأنسب هو الالتحاق بالعمل السياسي وزيادة عدد مقاعدهن في البرلمان التركي الجديد لإقرار القوانين والتشريعات الكفيلة بإيصالهن إلى حقوقهن مباشرة بعدما خذلهن الرجال وأخلوا بتعهداتهم والتزاماتهم. الإجحاف اللاحق بالعنصر النسائي أوجزه لنا وزير الداخلية الأسبق بشير اتالاي بقوله إنه من أصل 300 ألف تم اختيارهم في آخر انتخابات محلية جرت عام 2009 كان هناك نسبة 1 في المائة فقط للنساء.

المؤسسات والتنظيمات النسائية تحركت باكرا هذه المرة مستفيدة من تجارب الانتخابات الأخيرة عام 2007 عندما رفعت شعار «وهل من الضروري أن نكون بشوارب لدخول البرلمان؟!». تجمع «قدر» النسائي الذي يضم شريحة واسعة من السيدات على مختلف ميولهن السياسية والفكرية رفع شعار 275 امرأة تحت سقف البرلمان، يبدو أنه اقتنع بما عرض عليه رغم معرفته أنه لم يصل إلى هدف «50 في المائة من مجموع مقاعد المجلس الجديد»، وهو سيرضى برفع نسبة التمثيل النسائي في البرلمان إلى الضعف، أي نحو 100 برلمانية بعدما كانت النسبة لا تزيد على 9 في المائة من مجموع مقاعد البرلمان الحالي.

تهديدات الجنس اللطيف بمقاطعة الانتخابات التي يشكلن فيها القوة الشعبية الأكبر وعدم دعم من لا يزيد الكوتة النسائية في لوائحه الانتخابية، لن تقف على ما يبدو عند زيادة عدد التمثيل النيابي، بل هناك إصرار على تسلم مهام ومسؤوليات أساسية في البرلمان والحكومة المرتقبة، بغض النظر عن تركيبتهما الحزبية والسياسية.

حجاب المرأة الذي كان محور نقاش طويل في الأيام الأخيرة حول ما إذا كان سيأخذ مكانه في البرلمان الجديد أم لا والذي يبدو أنه أرجئ إلى مكان وزمان آخر بعدما لم يرشح «العدالة والتنمية» سيدة محجبة يحالفها الحظ في ذلك تجنبا لتسخين الأجواء وتلافيا لمغامرة سياسية قد تنعكس عليه سلبا، يبدو أنه أراد تعويض ذلك من خلال زيادة عدد النساء اللواتي سيكون لهن الحظ في دخول البرلمان بعد 3 أشهر.

دراسات واستطلاعات رأي كثيرة نشرت تشجع على دخول المرأة المعترك السياسي كان آخرها دعم 70 في المائة من الأتراك التحاق الزوجات أو البنات أو الأمهات بالعمل السياسي، وأن 63 في المائة من المقترعين في تركيا لا يعارضون أن تكون النساء في مواقع القيادة، وأن المشكلة هي تقبل الرجل لذلك وترجمته عمليا على أرض الواقع، ربما كانت الدافع الأكبر في وجود النساء وبكثافة على لوائح الأحزاب السياسية التركية التي تم الكشف عنها قبل أيام.

استطلاعات الرأي تقول إن 50 في المائة من النساء سيصوتن لـ«العدالة والتنمية»، و30 في المائة لـ«الشعب الجمهوري»، و9 في المائة لـ«الحركة القومية» اليميني، و5 في المائة فقط لحزب «السلام والديمقراطية» المعروف بقواعده الكردية.. لكن أرقام ترشيح النساء وفرص إيصالهن إلى المجلس تشير إلى أن حزب «السلام والديمقراطية» الذي يشارك بمرشحين مستقلين والذي تمثله 7 سيدات في البرلمان الحالي قرر رفع النسبة إلى 40 في المائة للعنصر النسائي، معلنا أنه سيعمل على إيصال 13 سيدة من أصل 37 مرشحا يراهن على وجودهم في المجلس الجديد من مناطق جنوب شرقي تركيا. «الشعب الجمهوري» المعارض كان الأكثر انفتاحا بالمقارنة مع بقية الأحزاب الكبرى في البلاد، فهو أعلن عن ترشيح 109 سيدات من أصل 550 شخصا بنسبة تصل إلى 20 في المائة، ضامنا إيصال نحو 40 امرأة تتصدر اللوائح الانتخابية. «العدالة والتنمية» رفع بدوره الكوتة النسائية في لوائحه إلى 15 في المائة من مجموع المرشحين وقرر ترشيح 78 سيدة، 20 منهن في أماكن تمنحهن الفرص الكبيرة للالتحاق بالبرلمان المقبل. حزب «الحركة القومية» الذي اكتفى قبل 4 سنوات بامرأتين في مجموعته الانتخابية رشح هذه المرة 63 امرأة، 10 منهن في أماكن تسهل لهن دخول البرلمان.

شطح القلم وتمردت الفكرة مرة أخرى باتجاه بعض وسائل الإعلام التركية التي نقلت لنا مطولا في الأيام الأخيرة واقعة إحدى سيدات المجتمع الراقي وهي تروي اعترافاتها بعد انفصالها بقرار قضائي عن زوجها الأستاذ الجامعي الذي كان يضربها ويهينها على مدى 6 سنوات، فقررت أن تضع نهاية لذلك.. «كان قد مضى على زواجنا 3 أشهر فقط، دخل إلى المنزل غاضبا في ليلة شتاء باردة، أغلق الأبواب، قطع خطوط الهاتف، وحطم التليفونات الجوالة، ولم يتعبه قط 9 ساعات كاملة من الضرب والتعذيب والإهانة! لم أغادر المنزل لشهرين كاملين وأخفيت ما أصابني، فهو كان يهدد: هل سيصدقون ما تقولينه أنت أو سيصدقون أستاذا جامعيا فيما يقول؟! لا علاقة للشدة المستخدمة ضد النساء بمهنة الرجل أو موقعه الاجتماعي، كلهم يضربون!».

أهلا باللطافة، وبتراجع الخشونة في البرلمان التركي الجديد! نعم لنسائنا في المطبخ السياسي، ولرجالنا في مواقع تعلم فن الطبخ أينما كانوا!