عنصرية الفكاهة

TT

من مشكلات السخرية والفكاهة أنها دائما تجري على حساب أحد ما. المعتاد أن تجري على حساب المرأة. وفي الأحوال الأخرى على حساب الأقليات. اتهموا الكوميدي البريطاني الرائع سبايك ملغان بالعنصرية لأنه كثيرا ما أوغل في التنكيت على الهنود. دافع عن ذلك فقال: لا بد من التنكيت على أحد من دون أن تقصد الإساءة لهم. فهو شخصيا نشأ في الهند وتربى بين الهنود ويحبهم ويحترمهم. الواقع أننا جميعا ننكت على المرأة، ولكن هل انقطعنا عن حبها؟

قلما توجد دولة من دون أقليات فيها، ربما باستثناء الصومال. وهكذا حصلنا على هذا السيل من النكات «العنصرية». في الواقع نحن أيضا نضحك على الهنود. أفلا نتذكر نكتة عبد الحكيم عامر مع البانديت نهرو عندما أوصاه بشيء. عاد ليذكره بذلك قبل مغادرته القاهرة: أرجو ألا تنسى الموضوع وتهمله. أجابه المشير: «ازاي؟ يعني انت فاكرني هندي؟».

ينكت المصريون على الصعايدة وتخلفهم. دخل صعيدي بالجلابية مخزن موبيليات في القاهرة وراح ينظر منبهرا بما فيه من أثاث. ثم رأى الشماعة، استغرب من أمرها وسأل البائع عما يفعلون بها. فقال له هذه لتعلق عليها ملابسك. فعاد وسأله: «وأقعد عريان؟».

لدى العراقيين سجل طويل مما يسمى النكات الكردية. اقتضى على جندي عبور نهر الزاب ولم يكن يعرف السباحة. فسأل كرديا على ضفته إذا كان من الممكن أن يعبره خوضا على قدميه، فقال له: نعم. نزل ليعبره فوجده عميقا وكاد يغرق فيه. نجا بحياته وعاد للكردي مؤنبا: كيف تغشني وتقول ممكن أعبره على رجلي؟ فأجابه: «كاكا، قبل دقيقتين شفت بطة نزلت بالنهر وضربت برجلها شوية وعبرت، يعني البطة أحسن منك؟».

بيد أن الكرد حصلوا على استقلالهم المحلي الآن وانهمكوا في هذه الحركة الإعمارية ضاربة الأرجاء وازدادوا ثقة بأنفسهم فراحوا ينكتون على الأقلية العربية في كردستان. قالوا إن راعيا عربيا راح يسوق غنمه فوق السكة الحديدية، مما اضطر قطار أربيل إلى التوقف. صاح به السائق: «حاجي عرب! انت عندك كل هالأرض مال الله فارغة وتتركها وتيجي تسوق غنمك ع السكة»؟ فأجابه الأعرابي: «وانت ما شفت لك طريق بكل هالأرض هذي غير تمشي ورايه هنا؟».

يجري مثل ذلك من النكات العنصرية في الغرب. كان الأميركان ينكتون على الزنوج، لكن هذا أصبح الآن محرما جدا لا تسمع منه أي شيء. راح الظرفاء ينكتون على أهل فرجينيا. قالوا: لماذا ظهر السيد المسيح في فلسطين ولم يظهر في فرجينيا؟ الجواب هو أن الرب حاول أن يعثر على ثلاثة رجال حكماء وامرأة عذراء واحدة في فرجينيا ولم يعثر.

ينكت الإنجليز على بخل الاسكوتلنديين فيقولون: إنك إذا دخلت بيتا في إنجلترا، فتح لك صاحب البيت قنينة شراب. وإذا دخلت بيتا في اسكوتلندا فتح لك صاحب البيت التلفزيون.

بيد أن معظم النكات الإنجليزية العنصرية جرت على حساب الآيرلنديين الذين يتهمهم الإنجليز بالغباء والسذاجة. وهو موضوع أعود إليه في مقالة لاحقة إن شاء الله.