الأمن الخليجي بين العقلية التآمرية الإيرانية والحكمة التركية

TT

سقطت ورقة التوت عن الموقف الإيراني من الأمن الخليجي، خاصة بعد أحداث البحرين التي كانت إيران قاب قوسين أو أدني من تنفيذ مخططها في احتلال البحرين من خلال الخلايا النائمة، ومرورا بمحاولة التجسس التي تمت في الكويت وأعلن عنها رسميا، عندما أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح في تصريح للصحافيين عقب حضوره اجتماع لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية: «إن هناك مؤامرة على أمن الكويت السياسي والاقتصادي والعسكري، وإن هذه المؤامرة حبكت للأسف في جهات لم يصدر من الكويت تجاهها إلا كل كلمة خير ومودة». وأضاف أنه «حتى في الأوقات التي كانت فيها عناصر كثيرة حول العالم يدعون للقيام بعمل عسكري ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كانت الكويت تؤكد رفضها أي عمل عسكري ينطلق من أراضيها ضد إيران أو أن يمر عبر أجوائها».

وقال الشيخ الدكتور محمد الصباح: «إن ما رأيناه من هذا الحكم صعقنا.. أن تكون هذه الشبكة التآمرية مرتبطة بعناصر رسمية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية». وفي آخر تصريح له قال الوزير الكويتي: «إننا الآن لا نتحدث عن اتهامات، إنما نتحدث عن حقائق»، وكذلك الأحداث التي تمت في القطيف في المملكة العربية السعودية. بعد كل ذلك لا يستطيع أي مسؤول خليجي أو غير خليجي بعد اليوم، حسب ما أعتقد، أن يراهن على أن النظام الإيراني يريد الخير لدول الخليج العربية، وإنما إيران أصبحت خطرا دائما على هذه المنظومة الإقليمية الخليجية، خاصة في ظل الأزمة الداخلية والخارجية التي تعيشها إيران، حيث أخذ القادة الإيرانيون يهددون ويتوعدون دول الخليج العربية، حيث الفرصة السانحة، في ظل غياب لموقف عربي قوي بسبب الأحداث في الدول العربية، وجدوا أنفسهم أنه لا مخرج لهم من الأزمة الداخلية والخارجية إلا بافتعال نزاع مع دول الخليج، هذه هي العقلية الإيرانية التآمرية.

وإذا ما قارنا هذا الموقف الإيراني بموقف تركيا كدولة مسلمة، نجد العكس، حيث إن أول دولة أدانت الأعمال التخريبية في البحرين هي تركيا بعد دول مجلس التعاون الخليجي، حين حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، إيران من اتخاذ أي خطوة في اتجاه البحرين، وأن القوات التركية جاهزة لتقف بجانب دول مجلس التعاون الخليجي، في حال تحركت إيران شبراً. وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو أثناء زيارته للبحرين قال: «إن البحرين كانت نموذجا للتعايش المشترك بين السنة والشيعة»، مضيفا «أن استقرار البحرين والمنطقة بشكل عام أمر مهم وحيوي لتركيا». وقال أوغلو: «التعايش بين السنة والشيعة في البحرين أمر مهم بالنسبة لتركيا، كما في كل دول المنطقة. الجميع عليه أن يساعد ثقافة التعايش بدلا من الاحتقان الطائفي. الدين عامل للتوحيد وليس للانقسام، لكن الاختلافات السياسية متاحة للجميع». ولا ننسى موقف رجب طيب أردوغان في 29 من يناير (كانون الثاني) عام 2009 عندما غادر أردوغان منصة مؤتمر دافوس احتجاجا على عدم إعطائه الوقت الكافي للرد على الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس بشأن الحرب على غزة. تركيا كدولة لها مصالحها في المنطقة ولن يكون موقفها كالمتفرج على ما يجري في الخليج إذا ما أقدمت إيران على أي عمل عسكري ضد أي دولة من دول الخليج بوصفها قوة إقليمية.

إن أي محاولة من قبل إيران لتدويل الأحداث في الخليج العربي لن تكون في مصلحة إيران، وإذا كانت هي قد حققت بعضا من النجاح في توسيع نفوذها في بعض الدول العربية من خلال إيجاد بؤر نفوذ كما هي الحال في لبنان والعراق، فإن عليها أن تعرف أن دول الخليج العربي يكون فيها الموقف مختلفا، حيث إن منطقة الخليج العربي ذات استراتيجية دولية مهمة تتقاطع فيها مصالح كثير من الدول، وإذا ما قدمت على أي خطوة ستكون هي أول من يدفع الثمن غاليا، فهل يتخلص قادة إيران من العقلية التآمرية ويعودون إلى رشدهم أم يستمرون بهذه العقلية؟ هذا ما سوف تكشف عنه الأيام.