رصاصة ولا كل الرصاصات

TT

المزاح أو (الغشمرة) مثلما يقول أهل الكويت، أو المقالب مثلما يقول أهل مصر، كل ذلك إذا زاد على حده انقلب إلى ضده؛ لهذا فأنا شخصيا أتجنب نهائيا المزاح الثقيل، خصوصا في المدة الأخيرة، وذلك بعد التجربة المريرة، وبعد أن أكلت على رأسي من اللوم والتقريع، بل وبسحبي في إحدى المرات من كراعيني على البساط دون شفقة أو رحمة.

وسوف أورد لكم ثلاثة مواقف كلها حقيقة، والله على ما أقول شهيد.

أولها حدث قبل مدة عندما تزوج أحد رجال الأمن بفتاة جميلة ومحبة لـ(الغشمرة)، فأرادت أن تمازح زوجها على طريقتها الخاصة، فارتدت ملابس رجل وتلثمت بالشماغ، لتختبر رد فعل زوجها ومدى غيرته عليها ومحبته لها، وعندما عاد زوجها من نوبته الليلية المعتادة وفتح الباب، وإذا به وجها لوجه أمام زوجته (المسترجلة)، فاعتقد أنه أمام حرامي أو عاشق استغل فرصة غيابه، فغلى الدم في عروقه الحامية، وما كان منه إلا أن امتشق مسدسه وأطلق رصاصة، في الوقت الذي كانت فيه زوجته الهاربة تصرخ وتلقي بالشماغ من على رأسها قائلة: إنني أمزح، إنني أمزح.. ولكن بعد أن سبق السيف العذل - أي بعد أن استقرت الرصاصة في (شطيتها) اليسرى - فنقلها زوجها على وجه السرعة للمستشفى، وأجروا لها عملية مستعجلة لإخراج الرصاصة، وقال الدكتور: إنه من حسن حظها أن الرصاصة استقرت في ذلك المكان، ولو أنها ارتفعت عدة سنتيمترات واستقرت في ظهرها لكانت أصيبت بالشلل التام.

والموقف الثاني حصل لمجموعة من أبناء الخليج عندما ذهبوا إلى بلد في شمال أفريقيا، فخطر على بالهم أن يستأجروا مطعما بالكامل للعشاء فيه وحدهم، ولكي يكتمل انشراحهم وبسطتهم أحضروا فرقة موسيقية غنائية للترفية عنهم، غير أن أحدهم اقترح عليهم أن يمازحوا ويضحكوا على أفراد الفرقة ويدعوا أن مجموعة من الإرهابيين قد هاجموهم ليروا رد فعل أفراد الفرقة، واستحسن الجميع هذه الفكرة، وانتدبوا أربعة منهم للقيام بدور الإرهابيين، وذلك بعد أن أشعروا صاحب المطعم و(الغراسين) بما سوف يفعلونه لكي يكونوا بالصورة.

وفعلا اقتحم الأربعة الملثمون الصالة وأطفأوا الأنوار وهم يصيحون ويهددون الجميع بالقنابل اليدوية، طبعا تقافز أفراد الفرقة مرعوبين وهاربين ومتعثرين فوق الكراسي ومنبطحين تحت الطاولات، ويبدو أن طباخ المطعم لم يعرف اللعبة واعتقد أن هناك بالفعل هجوما إرهابيا قد حصل، فما كان منه إلا أن اتصل بالشرطة التي حضرت وطوقت المكان وأخذت تناديهم بالميكروفونات أن يسلموا أنفسهم.

وبعد أن انكشفت لهم الحقيقة وعرفوا أن كل ما حصل إنما هو مجرد مزاح، اقتادوا أصحاب الفكرة إلى المخفر واحتجزوهم لعدة أيام، وغرموهم مبلغا كبيرا من المال، وأغلقوا المطعم لمدة شهر كامل.

وحال هؤلاء الشباب من أهل الخليج أهون بمراحل من اثنين من الممثلين في دولة (أنغولا) عندما أرادا أن يظهرا مدى براعتهما بالتمثيل، وذلك عندما خرجا من استوديو التصوير واتجها إلى مصرف مقابل، متظاهرين أنهما لصان يريدان اقتحام المصرف، فما كان من الموظف المختص إلا أن يتصل بالبوليس الذي حاول إيقافهما، غير أن الممثلين الغبيين ومن شدة اندماجهما بالدور رفضا ذلك، فما كان من رجال البوليس إلا أن يطلقوا عليهما الرصاص فأردوهما قتيلين في الحال، وذلك قبل أن يصل إلى مسامعهم صوت المخرج وهو يناديهم: إنه مجرد تمثيل، إنه مجرد تمثيل.

[email protected]