توترك.. يوتر من حولك!

TT

سمعت د. جاسم المطوع يقول في برنامجه الإذاعي الشائق إنه كان حاضرا في إحدى الدورات التدريبية، حينما قال محاضر عالمي شهير، ما معناه، إن جبهة الإنسان هي مركز الطاقة في جسمه، ولذا فحينما يشعر المرء بالتوتر والإرهاق والانفعال الزائد فإنه يحتاج إلى تفريغ طاقة جسمه بوضع جبهته على الأرض بين حين وآخر. هنا رفع د. المطوع يده وأخبر المحاضر قائلا «هل تعلم أننا كمسلمين نسجد لله تعالى في صلاتنا 34 مرة؟» وهذا من دون النوافل طبعا.

ويبدو أنه حتى علماء العلم الحديث يتفقون على أنه عندما تصيبك نوبات التوتر المربكة فإنه يفضل أن تسترخي قليلا وتصفي ذهنك، ولذا فإن منهم من ينصح بممارسة رياضة اليوغا لأن فيها تركيزا ذهنيا عميقا على نقطة واحدة. تماما كما يفعل المسلم الذي أمر أن ينظر إلى موضع سجوده أثناء تأديته للصلاة، وهي محاولات رفع مستوى التركيز والخشوع. ولذا كان المصطفى، صلى الله عليه وسلم، إذا حزبه أمر صلى، وكان يقول لمؤذنه «أرحنا بها يا بلال». خطورة التوتر تكمن في أنه يسبب تسارعا كبيرا في نبضات قلب الإنسان ويزيد وتيرة تنفسه فتضطرب أحواله، فيصبح حكمه على الأشياء من حوله أقل عقلانية وأكثر انفعالية مما يتوتر الأجواء المحيطة به في البيت وفي العمل وفي الشارع. بل إن الأبحاث العلمية تفترض «أن التوتر المتواصل يسهم في رفع ضغط الدم ويشجع على حدوث ترسبات تتراكم على جدار الشرايين ويتسبب في إحداث تغيرات في الدماغ ربما تسهم في حدوث القلق والكآبة والإدمان» حسبما ذكر في نشرة جامعة هارفارد الصحية المنشورة بصحيفة «الشرق الأوسط». ومن علاجات التوتر أن يفضفض الإنسان عن مكنوناته، إذ أظهرت دراسة لمركز البحوث الاجتماعية البريطاني بأكسفورد أن «الثرثرة المعقولة مفيدة لأنها تحرر المشاعر والأحاسيس وتقلل من التوتر والكبت والغيظ الذي يسبب الأمراض». كما ذكرت في كتابي «المرأة تحب المنصتين» أن «السيدات اللاتي لديهن مشكلات وضغوط نفسية كثيرة ويشعرن بالخوف تقل لديهن نسبة هرمون الأوكسيتوسين» الذي تشير بعض الدراسات إلى أن زيادته في جسم الإنسان تشعره بالسعادة والراحة.

ويقول الأطباء إن الرياضة مفيدة للتخفيف من حدة التوتر لأنها تزيد من معدل التنفس العميق وتخفف من تشنج العضلات الناجمة عن التوتر. وربما لهذا نجد مبررا للإنجليز الذين اشتهروا بقولهم الدارج لمن يصاب بنوبة هلع شديد Relax and Take a Deep Breath، أي استرخ وخذ نفسا عميقا. وتجدر الإشارة إلى أن الذي لا يصاب بشيء من التوتر في عالمنا المزدحم والمتسارع إما مجنون وإما معتزل الناس في صومعته. ولذا فحري بمن تظهر عليه بوادر التوتر أن يهرع إلى الحلول كالاسترخاء والرياضة والصلاة والتحدث ليفرغ ما في جعبته من هموم ويبدد كل هذه الأعراض الجانبية غير المريحة.

وللعلم لم توجد «أعراض التوتر» كالتصبب عرقا أو الزيادة في ضربات القلب والاختلال في المزاج العام إلا لتكون علامات للإنسان ليسارع في احتوائها قبل أن تتفاقم هذه الأعراض، ثم تتدهور حالة الفرد وينتقل التوتر منه إلى كل المحيطين به.

[email protected]