القمة العربية في العراق.. تقاطعات الرؤى

TT

تستعد حكومة المالكي لا سيما الخارجية العراقية بشكل استثنائي من أجل انعقاد القمة العربية في العراق، وأنفقت الدولة زهاء النصف مليار دولار من قوت الشعب العراقي، بعد إقناعها من قبل جهابذة كبار المنتفعين من موظفي الجامعة العربية التي سخرت لخدمة النظم التقليدية، وبعد الفشل والخيبات المتلاحقة لجامعة الدول العربية بشأن القضية الفلسطينية وباقي قضايا الأمة التي لم تفلح في حل واحدة منها، وجد عمرو موسى الفرصة مؤاتية ليقنع الحكومة العراقية ويوفر لها المبررات بأهمية انعقاد القمة في العراق، إذ سيسهم انعقادها في عودة العراق للحاضنة العربية، أو عودته لمحيطه العربي. فتحمس الساسة للفكرة.. وكيف لا والجامعة هي من تبنت المسألة وأقنعت الدول العربية بأن انعقادها سيحرر العراق من الهيمنة الإيرانية. أما الجامعة فقد بالغت في الزيارات المكوكية بين الدول لا سيما التي بحاجة إلى دعم إعلامي.. ووقد وجدت ما يوحي للآخرين بأهمية وجودها!

السؤال الكبير هو: هل فعلا انعقادها مهم في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة العربية من موجات الاحتجاج العنيفة المطالبة بإسقاط النظم الاستبدادية والمطالبة بالحرية؟ ثم متى كانت القمم العربية بهذه الأهمية والشعار الذي كان يسبقها ويعقبها هو «الاتفاق على ألا يتفقوا»؟ ثم في هذه الظروف التي تمر بها بعض الدول الأعضاء، من سيمثل ليبيا مثلا؟ معمر القذافي أم المجلس الانتقالي الذي يمثل الثوار؟ وهل هناك شرعية لحضور الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أو الرئيس السوري أم من يقودون في تونس ومصر والسودان وغيرهما من البلدان التي تعيش أزمات حقيقية تتطلب وجود قادتها داخل البلاد، إذ أن القمة في أحسن حالاتها لم تكن ذات جدوى، أي قبل هذه الصراعات، فكيف هي الحال الآن؟ وهل البلد المضيف العراق هو المكان الأمثل لانعقادها؟

وبعد إقناع دول الخليج العربي، المنظومة الأكثر استقرارا وثقلا اقتصاديا وسياسيا، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ثقل العالم الإسلامي وبوصفها من يقود الأمة العربية حاليا، بالمشاركة في هذه القمة لاستقطاب العراق ومساعدته للتحرر من الهيمنة الإيرانية، وبعد ما جرى من أحداث في البحرين التي تعتقد الحكومة البحرينية أنها أتت تنفيذا لأجندات إيرانية، والتي انعكست كضغوطات على بعض الأحزاب الإسلامية العراقية من قبل إيران، لتشترك في مظاهرات مؤيدة للمعارضة ومناهضة للموقف السعودي، هكذا ذهبت أدراج الرياح الاستعدادات والتحضيرات وإصرار المالكي على انعقادها في موعدها بالعراق. الأمر الذي يؤكد أن إيران فاعل رئيسي في المشهد السياسي العراقي، وما حدث من تضامن حماسي في البرلمان العراقي مع المعارضة البحرينية يؤكد ذلك، ولو كان الأمر بيد العراقيين من دون تدخل إيراني، لاستطاعوا أن يرسلوا وفدا من الوقف السني والشيعي وقادة من القائمة العراقية والائتلاف الوطني لتقريب وجهات النظر بين المعارضة والحكومة البحرينية.. وحتى الآن ما زال الظرف ملائما للتحرك في هذا الاتجاه، وأولى الخطوات التي على الحكومة العراقية أن تخطوها هي أن تحاول تعزيز علاقاتها مع دول الخليج ولا سيما المملكة العربية السعودية بوصفها الأكثر أهمية إقليميا وعالميا، وكذلك توظيف سنة العراق للعب هذا الدور فضلا عن المراهنة على ترميم البيت الداخلي. فمتى ما تم ذلك يكون المحيط هو من يتمنى تعزيز العلاقة مع العراق.