عن أي كونفدرالية خليجية يتحدثون؟

TT

لم يشهد مجلس التعاون الخليجي، طوال عمره الذي تجاوز 3 عقود، هذا الترابط بين مواطنيه، والإحساس بالانتماء لهذه المنظومة، كما يحدث الآن. فبعد أن كان مواطنو المجلس، وكأنهم فقدوا الأمل في مجلسهم التعاوني، عادوا مجددا وطاروا فرحا به. هذه الحماسة منقطعة النظير، وغير المسبوقة، بلغت حدا بالدعوة لتأسيس كونفدرالية خليجية. أما البرلمان البحريني، فذهب إلى أبعد من ذلك، عندما أقر مقترحا بصفة مستعجلة، لتنفيذ الاتحاد الكونفدرالي الخليجي «بالتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي ولا سيما في مجالات الدفاع والاقتصاد والنفط والسياسات الخارجية»، فهل دول الخليج جاهزة لهذه الكونفدرالية؟

في رأيي، لم يحن بعد الوصول إلى مثل هذه الخطوة المتقدمة (جدا)، حيث لم توضع أسسها أصلا داخل بنيان المجلس حتى هذه اللحظة، صحيح أن الدول الست أخيرا، تأكدت جليا، أو على الأقل غالبيتها، أن الخطر الإيراني مستمر وقادم لا محالة، وهو ما خلق وعيا شعبيا كان غائبا عن شريحة كبرى من المواطنين الخليجيين، وزاد من ارتباطهم المفقود بمجلسهم الخليجي، غير أن الوصول لمثل هذه الخطوة، لا يتم كردة فعل لما تواجهه المنطقة من أحداث وتطورات، ودون إغفال النظر للآلية المناسبة لتشكيل هذه الكونفدرالية، بينما مجلس التعاون لا يملك الأرضية الصلبة التي من الممكن أن تقوم عليها الكونفدرالية، في ظل التباين الخليجي في كثير من القضايا والملفات الرئيسية.

قبل الدعوة لكونفدرالية خليجية، يجب على دول الخليج الست، بلا استثناء، الاقتناع تماما بفكرة المصير المشترك، ومعرفة أن الخطر الإيراني لا يهدد أيا منها بقدر ما يهددها جميعا. فما حدث بالبحرين، أثبت أنه لا يمكن فصل الأمن القومي لأي من الدول الست بعضه عن بعض. ربما التحركات التي قام بها وزراء الخارجية الخليجيون مؤخرا، تذهب في هذا الاتجاه، لكنها لا تكفي بكل تأكيد، إن لم تقترن بخطوات مؤسساتية، بدلا من كونها ردود فعل وقتية، أو هكذا تبدو حتى الآن، وهو ما يؤهلها للوصول لأي شكل من أشكال الوحدة، ليس شرطا أن تكون كونفدرالية، الأهم أنها تصل في النهاية لمرحلة من القرار الخليجي المشترك، المبني على المصلحة العليا لشعوب المنطقة. أما ما يحدث على أرض الواقع، فهو معاكس لهذا التوجه، فهناك بعض الأطراف الخليجية، ترى أن ما قدمه المجلس من مبادرات وخطوات، هو السقف الأعلى لما يمكن أن يصل إليه العمل الخليجي المشترك، كما لا نذيع سرا بالقول إن هناك دولا خليجية تراهن على علاقتها مع طهران، وتعتقد أنها تستطيع بهذه العلاقة إحداث موازنة تحميها من الخطر الإيراني، لن ندخل في تحليل هذه السياسة، ونفعها من ضررها، لكنها بكل تأكيد ستكون عقبة رئيسية أمام دول المجلس، لتحقيق أماني شعوبهم بالوحدة الخليجية.

ستبقى هذه العقبة قائمة، وستارا حديديا أمام أي تحركات لتطوير أداء مجلس التعاون، فغياب الشعور بالخطر، يبقي الحال على ما هو عليه، على الأقل مؤقتا. قد يقول قائل: وهل نحن بحاجة لأكثر من هذه المرحلة الحرجة التي بلغتها المنطقة؟ للأسف نقول نعم، هناك من لم يستشعر الخطر، ولا يراه إلا بعد أن يحرق ثوبه.

[email protected]