عندما قالت لي: لا.. مش انت

TT

دعيت مع من دعي في دولة خليجية بمناسبة أدبية أو فكرية أو ثقافية - سموها كما شئتم - ولبيت الدعوة شاكرا، وكيف لا ألبّي وأنا (محفول مكفول من إلى) ابتداء من تذاكر الطائرة درجة أولى ذهابا وإيابا + السكن في فندق خمس نجوم لمدة يومين + الوجبات الثلاث - على شرط عدم فتح أو المساس بثلاجة الغرفة وما فيها - وهي نقطة الضعف الوحيدة التي لا تعني لي شيئا ولا أهتم بها أساسا.

المهم أنني ذهبت ولم أشارك أو أتحدث في تلك المناسبة، غير أنني أذكر في أول ليلة وبعد أن انتهى (البروغرام) الرسمي، أنني جلست مع أحد الأدباء نتباسط في مقهى الفندق، وأقبلت علينا إحدى الأديبات الشابات قائلة لنا بكل أدب ودلع: ممكن أشارككما الجلسة؟! فما كان مني إلا أن أحشر نفسي بطرف المقعد مشيرا لها بكل براءة أن تجلس بجانبي قائلا لها: تفضلي على الرحب والسعة، ولكنها تركتني وجلست منفردة على الكرسي المقابل، وسألتنا عن رأينا في روايتها (الفلانية)! تفاجأت برفيقي يسألها عن سنها! ارتبكت هي وشدهت من سؤاله البايخ الذي ليس في محلهّ ولم تجبه، ولكن الخبيث تدارك الوضع بسرعة وقال لها بلباقة: أرجوك لا تفهميني غلطا، إنني بسؤالي هذا أردت أن أعرف فقط متى تبلغ المرأة ذروة سحرها وفتنتها.

عندها يا سبحان الله انفرجت أساريرها ووقفت قائلة وهي تميل بخصرها: ممكن تعطيني رقم تليفونك؟

وما إن سمعت أنا طلبها حتى قفزت بخفتي المعهودة ممسكا بكل ثقة (بجوالي) وإذا بها (تشكمني) وهي ترفع يدها نحوي قائلة بكل (قلاطة): لا، مش انت.

ساعتها لا أخفي عليكم أن وجهي قد (تعرفط) وأن كسوفا ما بعده من كسوف قد تغشاني من قمة رأسي إلى وسط بطني، إلى درجة أنني انكمشت على حالي في داخل (الكنبة) العريضة، وأصبحت رقبتي أقصر من حبّة (السمسمة).

في الوقت الذي مد لها رفيقي كرته المدون فيه كل تليفوناته وعناوينه، فتسلمته هي منه شاكرة ومبتسمة، وصافحته بيدها البضة مودعة، دون أن تعيرني أي نظرة أو اهتمام.

وران علينا بعدها صمت قصير، قطعه هو عندما سألني: مالك صامت كالأبكم، ألا تعلم أن (أبو الهول) نطق؟!

قلت له: أعرف ذلك، ولكنني كنت أفكر فقط بالتلاقح الفكري بين المثقفين.

قال: تقصد التلاقي الفكري بين المثقفين.

قلت له: صحيح وهذا هو ما أقصده فعلا ولكن خانني التعبير (PARDON).

عندها سألني متهكما: خانك التعبير، أم نهشت قلبك الغيرة؟!

قلت له: كلاهما، وزادت عليهما (ثالثة الأثافي).

سألني: وما هي الثالثة يا ترى؟

قلت له: إنها (الإهانة) التي لحقت بي دون أن أستحقها.

فرد علي: تعيش وتأكل غيرها يا حلو. ثم وقف مغادرا وهو يشير إلى الكوب الطافح أمامي: اشرب الشاي قبل أن يبرد.