هل تستعيد ألمانيا موقعها السابق؟

TT

انخفض معدل البطالة في ألمانيا إلى أدنى مستوى له خلال عقدين إبان شهر أبريل (نيسان) الماضي، وفقا للبيانات الصادرة يوم الخميس الماضي والتي قدمت بعضا من أقوى الأدلة حتى الآن على استعادة أكبر اقتصاد في أوروبا لوضعه السابق. ولكن الانخفاض الأخير في معدل البطالة قد أثار مخاوف بعض الاقتصاديين من عدم استمرار معدل النمو في ألمانيا.

وانخفض معدل البطالة لأقل من ثلاثة ملايين شخص للمرة الأولى منذ عام 1992، حيث واصلت ألمانيا استفادتها من الصادرات القوية للسيارات وغيرها من المنتجات. ولم يتغير معدل البطالة عن شهر مارس (آذار)، 7.1 في المائة، ولكنه انخفض من 7.8 في المائة في أبريل 2010. وقال راينر برودرله، وزير الاقتصاد الألماني: «أوامر الشراء مكتملة واستعمال الطاقة مرتفع، وإعلانات الوظائف تزداد شهريا». تأتي هذه الأنباء بعد يوم من التقديرات بارتفاع معدل التضخم في ألمانيا إلى معدل سنوي قدره 2.6 في المائة هذا الشهر، وهو أعلى بكثير من هدف البنك المركزي الأوروبي الذي يبلغ 2 في المائة. بالإضافة إلى ذلك، يلقي انخفاض معدل البطالة الضوء على الاختلاف بين الاقتصاد الألماني متسارع النمو والنمو البطيء في معظم دول أوروبا. وبلغ متوسط ??معدل البطالة في منطقة اليورو 9.9 في المائة الشهر الماضي، في حين يزيد معدل البطالة في كل من آيرلندا وإسبانيا عن ضعف معدلات البطالة في ألمانيا.

ويقول بعض الاقتصاديين إن السياسة النقدية في منطقة اليورو ربما تكون مهلهلة بدرجة كبيرة بالنسبة لألمانيا، ومن الممكن أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة بشكل مفرط إلى ظهور فقاعات الأصول ومعدلات التضخم، وحدوث تراجع مؤلم في الاقتصاد. ويقول يورغ كرامر، كبير الاقتصاديين بالبنك التجاري في فرانكفورت: «أرى خطرا على المدى الطويل. إنه موقف بشع بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي». وقال كرامر إن البنك المركزي قام، فقط هذا الشهر، برفع سعر الفائدة الرسمية إلى 1.25 في المائة، وهي أول زيادة منذ عام 2008، وسيقترب السعر المناسب لألمانيا من 3 في المائة.

وارتفع اليورو مقابل الدولار بشكل مطرد منذ يناير (كانون الثاني) بسبب التوقعات بأن البنك المركزي سيواصل رفع أسعار الفائدة، بسبب الحاجة إلى إبطاء الاقتصاد الألماني، وارتفع اليورو يوم الخميس الماضي إلى أقل قليلا من 1.49 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ نهاية عام 2009، قبل أن يتراجع قليلا. ويؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى رفع قيمة اليورو لأن ذلك يجذب المستثمرين بصورة أكبر إلى امتلاك أصول باليورو.

وحيث إن معدل البطالة في ألمانيا قد انخفض، ستضطر الشركات إلى دفع المزيد من المال لجذب العمال، وهو ما قد يزيد من التضخم. وفي المناطق الجنوبية المزدهرة مثل بافاريا وبادن وفورتمبيرغ، التي تعد موطنا لشركات صناعة السيارات مثل «بي إم دبليو» و«دايملر»، لم يتعد معدل البطالة نحو 4 في المائة في أبريل، واقتصرت شكوى الشركات في إيجاد عمال مهرة. وكتب خبراء اقتصاديون في لندن «يجب أن يظل تضخم الأسعار والأجور معتدلا»، لكنهم أضافوا: «أصبحت النقابات الألمانية أكثر صخبا في مطالبها التي تتعلق بالأجور».

ومع ذلك، هناك عوامل مختلفة يمكن أن تحد من التضخم في الأجور، وأشار كرامر إلى أن معظم عقود الأجور النقابية لن تنتهي قبل العام المقبل. وبالإضافة إلى ذلك، وبدءا من شهر مايو (أيار) الحالي يتم السماح للشركات بتوظيف عمال من دول الاتحاد الأوروبي مثل بولندا أو جمهورية التشيك. ولا تزال معدلات البطالة في كثير من شرق ألمانيا فوق 10 في المائة. ومع ذلك، قال كرامر: «إن زمن زيادات الأجور بصورة منخفضة في ألمانيا قد ولى بكل تأكيد».

ونفى جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، وجود أي مشكلة متأصلة في عمل سياسة نقدية تناسب البلدان سريعة النمو مثل ألمانيا والأعضاء الفقراء في منطقة اليورو. وفي حديثه للصحافيين في وقت سابق من هذا الشهر، قال تريشيه إن عودة ألمانيا إلى النمو بعد سنوات من الركود هو شيء جيد بالنسبة للدول المجاورة.وقال تريشيه في فرانكفورت يوم 7 أبريل: «لقد عدنا إلى المنافسة والعمل الجاد، والآن نرى نتيجة هذا العمل الجاد. إنه لأمر جيد بالنسبة لألمانيا ولمنطقة اليورو ككل».

وأظهرت بيانات البنك المركزي والتي نشرت هذا الأسبوع أن الضغوط السلبية على منطقة اليورو مستمرة حتى مع تسارع التضخم، ولا تزال البنوك مترددة في الإقراض لأن بعضها يواجه مشكلة في زيادة رأس المال، في حين أن الطلب على القروض العقارية آخذ في التناقص، وفقا لمسح مصرفي تم نشره يوم الأربعاء الماضي. ويمكن أن تؤدي هذه المعلومات إلى طمأنة البنوك المركزية من أنها ليست بحاجة إلى رفع أسعار الفائدة بشكل سريع وغير مبرر.

وفي حين انخفضت معدلات البطالة المعدلة موسميا إلى أقل من ثلاثة ملايين نسمة، لا يزال عدد العاطلين عن العمل يفوق 3.08 مليون شخص. ويري الاقتصاديون أن الأعداد المعدلة موسميا هي مؤشر قوي على قوة الاقتصاد.

وأضاف الاقتصاديون أن العدد المطلق للعاطلين عن العمل سوف ينخفض، على أي حال، إلى أقل من ثلاثة ملايين شخص الشهر المقبل.

* خدمة «نيويورك تايمز»