أنت عميل للمخابرات.. كيف؟!

TT

إن الروائي الإنجليزي الكبير سومرست موم كان ينزل في فندق «سميراميس» القديم. ذهبت. سألت. ظهرت سكرتيرة حلوة، قالت: ممكن أن تقابل مستر موم بعد عشر دقائق..

- شكرا. سوف أنتظر..

- من الممكن أن أجلس إليك وأسألك ما الذي تريد أن تعرفه عن مستر موم؟

- أعرفه هو شخصيا..

- ابتسمت، وقالت: طبعا وممكن. لحظة واحدة من فضلك.

ودخلت الغرفة التي ينام فيها مستر موم. وانفتح الباب عن رجل عجوز لا يقوى على الحركة ويداه ترتجفان.. وأبديت أسفي الشديد. وأنه كان من الممكن أن نلتقي غدا أو في أي وقت آخر يراه..

فقال جادا: أنا الذي حددت الموعد. وجلسنا وانطوى بعضه على بعض. وانتظرت ولما رفع رأسه ونظر ناحيتي كان معنى ذلك أن أتكلم. قلت: مستر موم أنت تعرف قدرك في العالم وفي مصر أيضا. وقد تُرجمت لك روايتان مع دراسات مستفيضة في الأدب والنقد والرواية..

- ماذا قالوا؟

- طبعا أنت روائي عظيم. ولديك تعبيرات في غاية الجمال. وتبدو في بعض الأحيان كأنها صدفة... عندي سؤال مستر موم: فقد نشرت الصحف والمجلات الإنجليزية أنك كنت عميلا للمخابرات البريطانية. فكيف تقبل مثل هذا العمل الشائك؟

وظن أنها سخرية مني.. فقد كنت صغيرا في السنة الثانية من الصحافة.. ثم كبرت الابتسامة لتظهر معالم وجه الرجل.. وكل شيء فيه يرتعش إلا هذا الرأس. قال: نعم كنت عضوا مهما في المخابرات وتلقيت الشكر والنياشين لذلك..

ولم أفهم. وكأنه أحس بذلك. أحس بأنني أرى أن عمله هذا لا يليق به.. ولكنه يرى غير ذلك وأقنعني واقتنعت. فقال: نفرض أن وباء انتشر في بلد، فمن الذي تبعث به الدولة؟ الأطباء طبعا.. نفرض أن مياه الأمطار قد أغرقت بلدا، من الذي توكل إليه الدولة مهمة إنقاذ الناس من الغرق؟ لا بد أن يكونوا مهندسين زراعيين. ولما أرادت بريطانيا أن تعرف الرأي العام في أوروبا وآسيا. فإنها تبعث بمن يفهم النفس الإنسانية.. تبعث بالمفكرين وعلماء النفس. وقد أوفدتني لكي أرى وأناقش وأحلل وأنقل عنها الصورة الأمينة.. والباقي على الدولة. فهل ترى في هذا عارا في تاريخ من يتعاون مع دولة ضد الأعداء أو ضد العدوان عليها أو على البشرية. ولا أخفي عنك أن كثيرا من هذا الدمار تسعى إليه دور النشر لما فيه من فهم وتحليل وحرفية أدبية. ولكن لا أستطيع أن أعيد نشرها.