لأنه ملحد وشيوعي ووجودي أحيانا!

TT

أنا أحب هذا الرجل. إنه ألبرتو مورافيا.. أديب يهودي. غير اسمه. وكان لا بد أن يفعل ذلك في عصر موسوليني. طلب من اليهود أن يغيروا أسماءهم الحقيقية.. أي اليهود. وبس. أول ما قرأت له «فتاة من روما» أو «فتاة روما». أعجبتني هذه الرواية.. وأعجبني كيف يستفيد في زحام الفن والجمال والمشكلات السياسية والاقتصاد.

جاء إلى القاهرة.. ذهبت إليه. وجدته هو وزوجته الأديبة إلزا مورانتي. وجدته جالسا وحده. أما السيدة فقد أخفت وجهها بيديها! ثم أخفت رأسها بالمنديل. كثيرة الحركة. بعيدة، ولكنها ترى كل ما يفعله مورافيا. قدمها لي: زوجتي.. قلت أهلا وسهلا في بلدنا مصر. لقد قرأت لك «فتاة روما».

- رأيك فيها إيه؟

- بديعة..

وقرأت له «المراهقات» و«القبعات» و«زمن اللامبالاة».. وعشرين قصة قصيرة ترجمتها إلى العربية. وقد رشحت الهيئات الأدبية مورافيا لجائزة نوبل. وقابلته مرة أخرى في برلين ثم التقيته في هافانا عاصمة كوبا.. ولا تكاد تراه حتى يضحك ويقول: مرة ثانية.

فأقول: أنا محظوظ يا أستاذ.

وفي برلين كانت معه فتاة أجمل.. وهي زوجته الثانية الجديدة. بولندية الأصل واسمها داشا ماريناي.. ومرة ثالثة قابلته في مصر مع زوجته الثالثة. والثالثة لا هي أديبة، ولا هي كاتبة، وإنما هي تعمل مخرجة في التلفزيون الإيطالي.

قلت له: قرأت مقالك الجميل في «الصنداي تايمز» الإنجليزية، وهو الحديث الذي أجري مع الممثلة الإيطالية - التونسية كلوديا كاردينالي.. ما هذا الجمال؟

- أما ما هذا فهو شيء مختلف فعلا.. لاحظت ماذا بيني وبين كلوديا كاردينالي. أجريت حوارا مع حبيبها.. عن كل شيء، وعندي استعداد أن أسأل عن أشياء أكثر وأعمق.

لماذا سألتها عن جسمها؟ فقال: كل واحد له ملامح خاصة، أما الباقي فمشترك عند كل الناس.. إنها محاولة لتصوير الأشياء والأشخاص..

- دراسة جميلة يا أستاذ..

- أنت شيوعي؟

- لا.

- أنت إيه.. وجودي؟

- أنا أحيانا..

الفيلسوف سارتر هو من أعظم الأدباء. إنه قد مهد الطريق أمامي لأكون وجوديا شيوعيا أحيانا.. إنه يفعل ذلك بصورة فذة وموهبة عظيمة.