مشعل النيران في الأدب الألماني!

TT

وفي بيته وعلى مسافة بعيدة عن فيلا ديرنمات كان يسكن ماكس فريش.. بيته أصغر.. وليس فيه إلا هو وصديقته. أول ما قال: إن موقع هذا البيت مناسب لي تماما.. وهذا لا يرهقني وإنما ينعشني وأنا في صحة جيدة جدا لا أشكو من أي مرض.. أهلا وسهلا!

قلت: أستاذ أنا قابلت ديرنمات قبل أن أجيء لك.. هم قالوا لي ذلك.

- من هم؟

- المشتغلون بالأدب في سويسرا.

- ولكن لماذا؟

- لأنه لا انفصال بينكما.. إذا ذكرت ديرنمات ذكروا فريش.. متلازمان مختلفان وهما مصدر نهضة وانتعاش الأدب الألماني بعد الحرب العالمية الثانية.. فلم يظهر في ألمانيا أدباء.

- لا.. لا.. بل في ألمانيا أدباء عظماء بعضهم أسرهم الأميركان.. ثم عادوا إلى ألمانيا كلهم وليس واحدا.. إنما عشرات.

قلت: قرأت لك «مشعلو النيران» وقرأت وأعجبتني روايتك «آنا مونتا»..

- ما رأيك؟

- فعلا أنتما مختلفان تماما..

- ليس تماما.. فقضايانا واحدة.. وهمومنا واحدة.

ولكن الخلاف في التعبير عن ذلك.. مثلا ديرنمات يهاجم بلده سويسرا هجوما عنيفا لأنها دولة محايدة.. فيرى كيف يكون الإنسان محايدا أمام ويلات وعذابات الإنسانية؟ كيف لا نمد أيدينا؟ كيف لا نساعد؟ كيف أننا خزانة فلوس؟ أقول لك؛ إن ديرنمات على حق.. ولكنني لم أشاركه.. أنا ذهبت إلى أبعد من ذلك..

- أنا سويسري آخر غير ديرنمات. منذ ذلك أسأل: ولماذا نحن كذلك؟ ولماذا ظللنا كما نحن؟ علي أي أساس قررنا أن نكون أو قررنا أن لا يكون لنا حضور في كوارث الإنسانية وقضاياها؟ كيف نسكت على ذلك؟ وكيف نباهي الأمم بأننا لا نهتز وأن مصائبهم من عندهم وغير قابلة للتصدير إلينا؟

- ومتى يظهر رأيك هذا؟

- ظهر في أحاديث إذاعية وتلفزيونية ومقالات نشرتها.

- من الذي تريد أن تذهب إليه وتصوره؟

- من؟!

- أنت الذي تقول.. أنت قلت إن هناك من يحتاج إلى عرض وتصوير؟!