البرتغال.. تواجه تحديات استعادة ثقة المستثمرين بعد خطة الإنقاذ

TT

ينبغي أن تمنح خطة الإنقاذ المالي للبرتغال مساحة كافية لإصلاح وضعها الاقتصادي واستعادة ثقة المستثمرين قبل العودة إلى سوق السندات، على حد قول المنقذين الماليين للدولة يوم الخميس الماضي. لكن مع بدء جلاء الشروط، يصبح التحدي الذي تواجهه البلاد مذهلا، في ظل توقع الحكومة استمرار الركود لعامين. ووصف جورغين كروغر، كبير مفاوضي اللجنة الأوروبية، في مؤتمر صحافي عقد في لشبونة خطة الإنقاذ المالي التي تبلغ 78 مليار يورو (نحو 116 مليار دولار) بالـ«صعبة لكنها عادلة». وقال: «نحن مقتنعون بأن البرنامج يقدم أساسا لاقتصاد أكثر قدرة على البقاء والاستمرار بقوة الدفع الذاتي وأكثر تنافسية، وأنه الطريقة الصحيحة لزيادة النمو وفرص العمل». لكن لم يتم الاتفاق على التفاصيل المهمة، ومنها سعر الفائدة الذي سوف تفرضه دول الاتحاد الأوروبي على القروض التي سيتم منحها للبرتغال، على حد قول كروغر. ومن المقرر أن يناقش وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي هذا الأمر في 16 مايو (أيار) في بروكسل. ويقدم الاتحاد الأوروبي ثلثي حزمة القروض، بينما يقدم صندوق النقد الدولي الثلث الباقي. لكن لم ينجح الاتفاق المبدئي الخاص بخطة الإنقاذ الذي يأتي بعد ثلاثة أسابيع من المفاوضات في لشبونة بين حكومة تسيير الأعمال برئاسة جوزيه سقراط ومسؤولين من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في تبديد المخاوف بشأن فرص نجاح البرتغال ماليا أو الاقتصاد المتعثر لبعض دول منطقة اليورو.

لقد كان على إسبانيا يوم الخميس الماضي زيادة أسعار الفائدة لبيع سندات خزانة بقيمة 3.4 مليار يورو أجلها خمس سنوات بعد يوم من ارتفاع تكاليف تمويل البرتغال بسبب بيع دين قصير الأجل قدره 1.1 مليار يورو. وارتفع متوسط عائدات سندات إسبانيا من 4.39 إلى 4.55 في المائة خلال آخر عملية بيع قامت بها في 3 مارس (آذار). وواصل مؤشر عائدات سندات البرتغال التي أجلها عشر سنوات ارتفاعه من 10.06 إلى 10.20 في المائة خلال يوم. ولمعالجة مسألة أسعار الفائدة، سيتم توزيع ثلثي أموال الإنقاذ التي يتم إقراضها للبرتغال خلال السنوات الثلاث الأولى من البرنامج، على حد قول بول طومسون، ممثل صندوق النقد الدولي في المفاوضات خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في لشبونة. وأوضح أن ذلك ينبغي أن يخرج البرتغال من أسواق الديون متوسطة وطويلة الأجل لـ«عامين أو أكثر قليلا» مما يمنحها فرصة لاستعادة مصداقيتها أمام المستثمرين من حيث السياسات التي تتبناها بعد الإخفاق في الوصول إلى مستوى العجز المستهدف عام 2010. كذلك ارتفعت تكاليف الاقتراض مؤخرا بالنسبة إلى اليونان وآيرلندا، حيث يتوقع الكثير من المستثمرين أن تزيد الإجراءات التقشفية التي تتضمنها حزم الإنقاذ المالي من تعثر اقتصاد الدولتين وتعرقل جهودهما للتغلب على عجز الميزانية وتسديد الديون.

وما زال هناك قلق بشأن مستوى دعم الدول الأوروبية الأخرى خاصة فنلندا لخطة الإنقاذ. ويناور أكبر حزب في البرلمان الفنلندي الأسبوع الحالي لضمان عدم عرقلة فنلندا لخطة إنقاذ البرتغال حتى في ظل تفاوضها على تشكيل حكومة ائتلافية جديدة برئاسة حزب ترو فينز الذي ينتقد خطط إنقاذ هذه الدول والذي فاز بـ19 في المائة من الأصوات خلال الانتخابات التي أجريت الشهر الماضي. وأوضح فرناندو تيكسييرا دوس سانتوس، وزير المالية البرتغالي، يوم الخميس الماضي، الصعوبات التي تواجهها البرتغال. وتوقع أن يتراجع الاقتصاد بنسبة 2 في المائة خلال العام الحالي والقادم وهو ضعف النسبة التي توقعتها الحكومة في مارس وأسوأ من توقعات صندوق النقد الدولي الشهر الماضي. وحذر بعض المحللين بالفعل من احتمال أن تزيد خطة الإنقاذ وضع البرتغال سوءا على المدى الطويل. وقال كارل وينبيرغ، كبير خبراء الاقتصاد في «هاي فريكوينسي إيكونوميكس» في فالهالا بولاية نيو جيرسي: «منح البرتغال قروضا لا يمكنها الحصول عليها من الأسواق مقابل سعر فائدة معقول لا يفيدها بأي حال من الأحوال. ستزيد حزمة القرض من ديون البرتغال، وستزيد من احتمالات عدم القدرة على السداد عندما يحين موعد سداد هذا القرض الجديد الذي يوضع على قائمة أولوياتها».

لكن أكد تومسين أن الدائنين حريصون على تحقيق التوازن بين طلب القيام بالمزيد من خفض الميزانية، وهو ما من شأنه أن يزيد اختناق الاقتصاد من خلال إلحاق الضرر بطلب المستهلك. وقال إنه بعد عامين من الركود الاقتصادي «سيشهد الاقتصاد تعافيا خلال النصف الأول من عام 2013».

وأشار الدائنون إلى استحالة مقارنة الشروط التي وافقت عليها البرتغال بالشروط التي فرضت على اليونان وآيرلندا العام الماضي، لكنهم قللوا من شأن زعم سقراط يوم الثلاثاء الماضي بأن حكومته توصلت إلى شروط أفضل في المفاوضات. وقال كروغر: «إن هذا البرنامج أقل صرامة وتقييدا لكنه مختلف تماما. إنه ليس أقل صرامة حقا من الجهة المالية، لكنه أكثر عمقا من الجهة الهيكلية». وستلتزم البرتغال بدفع نسبة فائدة قدرها 3.25 في المائة خلال السنوات الثلاث الأولى على القروض التي تحصل عليها من صندوق النقد الدولي، ثم ستزداد النسبة لتصل إلى 4.25 في المائة، على حد قول طومسون. ودخلت قروض اليونان التي كان يبلغ أجلها في الأساس ثلاث سنوات عامها السابع ومتوسط سعر الفائدة 4.2 في المائة، بحسب «رويترز». وتسعى آيرلندا إلى تقليل سعر الفائدة المفروضة على القروض التي أجلها سبع سنوات، حيث يبلغ متوسط سعر الفائدة 5.8 في المائة.

ومن المتوقع أن ينخفض عجز الميزانية في البرتغال على نحو أبطأ من الذي كانت تخطط له الحكومة. ويجب على البرتغال حاليا أن تصل بعجز الميزانية من 5.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال العام الحالي إلى 4.5 في المائة عام 2012. وكذلك على البرتغال الوصول بعجز الميزانية إلى 3 في المائة عام 2013. وقال طومسون: «سيؤدي الوصول بعجز الميزانية من 9 إلى 3 في المائة خلال عامين فقط إلى ركود اقتصادي يزيد على معدل 4 في المائة المتوقع حاليا».

* خدمة «نيويورك تايمز»