ذاكرة العرب سريعة الذوبان!

TT

قال لي: ينبغي أن يكتب كثير من الناس على شواهد قبورهم مثلا: مات في الثلاثين، ودفن في الستين.

قلت له: تماما مثل (جمال عبد الناصر).. مات في عام 67، ودفن في عام 70.

غير أنه للأسف ذهب ولم تمت أو تدفن معه تبعاته، والشاهد على ذلك الضفة وغزة الملعوب بهما، وهضبة الجولان المحتلة، وسيناء التي لا يستطيع الجيش المصري حسب الاتفاقيات أن يدخلها أو (تعتب) أقدامه على ترابها. المشكلة أننا العرب سريعو النسيان، مثلما هو بعض الحليب الناشف في الإعلانات: سريع الذوبان.

فرد عليّ قائلا: لا وأنت الصادق: إن ذاكرتهم كـ(النشادر) سريع الطيران.

* * *

أخذ يحدثني بإسهاب وحماسه منقطع النظير عن تحديد النسل، وكيف أنه يجب على كل عائلة ألا يزيد مواليدها عن اثنين أو ثلاثة على أكثر تقدير.

وتذكرت أن ترتيبه هو الخامس بين إخوانه، فما كان مني إلا أن أقاطعه قائلا: يا ليت أباك وأمك سارا على النهج الذي تدعو إليه، واكتفيا بثلاثة فقط من المواليد!

عندها توقف عن الحديث، ويبدو لي أنه صدم، وأخذ يفكر مليا، ثم سألني بزعل: ماذا تقصد؟! هل أنت تتمنى في هذه الحالة أنني لم آت إلى ظهر هذه البسيطة؟!

قلت له: معاذ الله! ولكن لكي أخفف فقط من ثقل الحمل عليها.

وبما أننا بصدد (الولادات)، فقد قرأت في إحدى الجرائد القديمة هذه المصادفة: ففي أحد المستشفيات في (نيويورك) كان (مارك كاجني)، وهو شاب في العشرينات من عمره، يجلس في غرفة الانتظار المقابلة لغرفة العمليات، حيث أن زوجته الشابة تخضع لعملية قيصرية.

وتخفيفا لوطأة الانتظار تناول الزوج مجلة عن المائدة، وإذا به يقرأ فيها إحصاء علميا يتضمن أنه في كل ثمانية آلاف حالة من الولادات تكون هناك حالة واحدة تلد فيها الأم ثلاثة توائم، وما كاد يأتي على آخر الإحصاء، حتى فتح الباب وفاجأه الطبيب قائلا:

أهنئك، لقد أصبحت أبا لثلاثة توائم!

طبعا في ذلك الوقت لم يكن عند الأطباء القدرة على معرفة ماذا في داخل الرحم الأم مسبقا.

* * *

تخيلوا معي: لو أنه قد صدر قانون بأن يأخذ المرء مائة قرش عن كل كلمة طيبة يقولها عن الناس، وبأن يدفع عشرة قروش عن كل كلمة جارحة يقولها عنهم، فماذا سوف يحل بالناس؟!

هل سوف يصبحون من الأغنياء، أم من الفقراء المعدمين؟!

أترك الجواب لكم.

[email protected]