خجل من الذين لا يستحون

TT

يتردد المرء كثيرا في الكتابة عن السياسة اللبنانية هذه الأيام (وفي غالب الأيام). والسبب هو الخجل من نوعية همومنا في مقابل الهم العربي وأحداث العرب، من إمبابة إلى أبوت آباد. فنحن عاجزون عن تشكيل حكومة عادية من لون واحد، فيما المرحلة تتطلب حكومة وحدة (ولو كاذبة) تضم أفضل وأصدق من لدينا. والحكومات في سائر أنظمة الأرض يشكلها الرجل المكلف بذلك. لكن مشاورات الرئيس نجيب ميقاتي تؤكد (وليس توحي) أن رجلا واحدا لم يشارك حتى الآن في ذلك وليس لديه مرشح لدخول الحكومة، هو حاكم هونولولو. ولا يزال الأمل قائما بأن يغير رأيه.

وأنا لا أمزح. فاللبنانيون يطرحون علنا، وكأنه أمر مفروغ منه، سؤالا غريبا: هل العقدة خارجية أم داخلية؟ ولا يخجل أحد من السؤال أو من الجواب. هل هناك بلد آخر على وجه الأرض، يطرح فيه مثل هذا التساؤل؟ لا. ليس. ويحدث كل شيء على شاشات التلفزيون مثل حلقات «التلفزيون الواقعي»، التي يظهر فيها المشاركون في الحمامات والمغاسل، ويكون فيها الحوار، دائما لا غالبا، على مستوى الحرارة في بلاد الاسكيمو.

في الماضي كانت المطالب الصغير تغطى بكلمات كبيرة وورق مصقول. لم يعد لدى أحد الوقت لذلك. أي كيس ورق يفي بالحاجة. أي كلام يمكن أن يقال بلا أي حياء. ثم يكرر بلا أي تردد. فيما الأزمات الداخلية ليست أقل خطورة من الأزمات الخارجية. البلد مفلس ماديا وسياسيا وأدبيا. والخلاف حول شنطة أو حقيبة أو كرسي أو «رجل» كرسي.

ولا خجل. قح واطلب. افجر وطالب. اليوم وغدا وكل يوم وإلى مدى الحياة. فأنت وحدك صاحب الحق ولا صوت يعلو على صوتك. لك المجد ولك الحقوق ولك الحقيقة وليس للآخرين سوى أن يصفقوا كالقرود. «والقردنة» صناعة ذاتية، لا أجنبية. فخر محلي صاف. امتياز لبناني آخر على جميع الأمم. أنت تدق ونحن نرقص.

الناس في رعب مما يجري في العالم العربي. وفي فقر. وأهل السياسة يحجبون عنا حكومة. الدنيا تنقلب ونحن نتخانق على سعر صفيحة البنزين. مصائر الأمم على المحك ونحن نريد أن نعرف من يعطى وزارة دولة بلا حقيبة ومن يعطى حقيبة بلا دولة. وإذا كان أحد يعرف وضعا شبيها بما نحن فيه، فالرجاء التوضيح، على هذا العنوان.